أخبر عنه علي عليهالسلام حين قال لخواص أصحابه :
«أَلا وَإِنَّ أَخْوَفَ الْفِتَنِ عِنْدِي عَلَيْكُمْ فِتْنَةُ بَنِي أُمَيَّةَ ؛ فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ ، عَمَّتْ خُطَّتُهَا ، وَخَصَّتْ بَلِيَّتُهَا ، وَأَصَابَ البَلاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِيهَا ، وَأَخْطَأَ الْبَلاءُ مَنْ عَمِيَ عَنْهَا.
وَايْمُ اللَّهِ لَتَجِدُنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَكُمْ أَرْبَابَ سُوءٍ بَعْدِي ؛ كَالنَّابِ الضَّرُوسِ تَعْذِمُ بِفِيهَا ، وَتَخْبِطُ بِيَدِهَا ، وَتَزْبِنُ بِرِجْلِهَا ، وَتَمْنَعُ دَرَّهَا.
لا يَزَالُونَ بِكُمْ حَتَّى لا يَتْرُكُوا مِنْكُمْ إِلاّ نَافِعاً لَهُمْ ، أَوْ غَيْرَ ضَائِرٍ بِهِمْ ، وَلا يَزَالُ بَلاؤُهُمْ عَنْكُمْ حَتَّى لا يَكُونَ انْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ إِلاّ كَانْتِصَارِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ ، وَالصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِهِ.
تَرِدُ عَلَيْكُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهَاءَ مَخْشِيَّةً ، وَقِطَعاً جَاهِلِيَّةً ، لَيْسَ فِيهَا مَنَارُ هُدًى ، وَلا عَلَمٌ يُرَى نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْهَا بِمَنْجَاةٍ ، وَلَسْنَا فِيهَا بِدُعَاةٍ» (١).
عادت الكوفة بعد تهجير الآلاف ، وتصفية البارزين من شيعة علي عليهالسلام أمثال أو كحجر وأصحابه ، بقوّة السيف بستاناً لقريش كما كانت على عهد عثمان ، وولاّها معاوية بعد ابن زياد لصديقه وخليله الضحّاك بن قيس الفهري القرشي (٢) الشامي الذي
__________________
(١) نهج البلاغة / الخطبة ٩٣. وأوّلها قوله عليهالسلام : «أَيُّهَا النَّاسُ ، فَإِنِّي فَقَأْتُ عَيْنَ الْفِتْنَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَجْتَرِئَ عَلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرِي بَعْدَ أَنْ مَاجَ غَيْهَبُهَا وَاشْتَدَّ كَلَبُهَا ، فَاسْأَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي ؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّاعَةِ ، وَلا عَنْ فِئَةٍ تَهْدِي مِئَةً وَتُضِلُّ مِئَةً إِلاّ أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا ، وَقَائِدِهَا ، وَسَائِقِهَا ، وَمُنَاخِ رِكَابِهَا ، وَمَحَطِّ رِحَالِهَا ، وَمَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا قَتْلاً ، وَمَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً ... إِنَّ الْفِتَنَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ ، يُنْكَرْنَ مُقْبِلاتٍ وَيُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ ، يَحُمْنَ حَوْمَ الرِّيَاحِ ؛ يُصِبْنَ بَلَداً وَيُخْطِئْنَ بَلَداً ... وآخرها قوله : ثُمَّ يُفَرِّجُهَا اللَّهُ عَنْكُمْ كَتَفْرِيجِ الأَدِيمِ بِمَنْ يَسُومُهُمْ خَسْفاً ، وَيَسُوقُهُمْ عُنْفاً ، وَيَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ ، لا يُعْطِيهِمْ إِلاّ السَّيْفَ ، وَلا يُحْلِسُهُمْ إِلاّ الْخَوْفَ ؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَدُّ قُرَيْشٌ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَوْ يَرَوْنَنِي مَقَاماً وَاحِداً ، ولَوْ قَدْرَ جَزْرِ جَزُورٍ لأَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أَطْلُبُ الْيَوْمَ بَعْضَهُ فَلا يُعْطُونِيهِ».
(٢) قال ابن حجر في الإصابة : الضحّاك بن قيس الفهري ، أبو أنيس وأبو عبد الرحمن ، أخو فاطمة بنت قيس. قال البخاري : له صحبة ، وروى له النسائي حديثاً صحيح الإسناد من رواية الزهري ، عن محمّد بن