قاعداً ، وإنّ كعب بن بجرة رآه ، فقال : ألا ترون إلى هذا الأحمق وما فعل والله يقول : (وتركوك قائماً) (١)؟! وإنّه أشتدّ في أمر الخراج حتّى قتل ابن صلوبا. وكان صاحب شراب يشرب مع سعد بن هبار من ولد أسد بن عبد العزى بن قصي ، فقال حارثة بن بدر الغداني فيه :
نهارهُ في قضايا غيرُ عادلةٍ |
|
وليلُهُ في هوى سعدِ بن هبّارِ |
لا يسمعُ الناسَ أصواتاً لهم خفيتْ |
|
إلاّ دويّاً دويِّ النحلِ في الغارِ |
فيصبحُ القومُ أطلاحاً أضرَّ بهمْ |
|
سيرُ المطيِّ وما كانوا بسفّارِ |
لا يرقدونَ ولا تُغضي عيونُهمُ |
|
ليلَ التمامِ وليلَ المدلجِ الساري |
فبلغ الشعر خاله معاوية ، وقدم أبو بردة بن أبي موسى الأشعري على معاوية ، فقال له : أيشرب عبد الرحمن؟ فقال : لا. قال : أفيسمع الغناء؟ قال : لا. قال : فما تنقمون عليه؟ قال : إنكاره بيعة يزيد ابن أمير المؤمنين ، وظنّه أنّ الفيء له ، وأنّه أحقّ به. قال معاوية : فما تصنع بأبيات ابن همام؟ قال : كذب عليه. قال : أنشدني إيّاها إن كنت ترويها. فأنشده ، فقال معاوية : شربها والله ، أراد الخبيث ، وعزله وولّى النعمان بن بشير الأنصاري الكوفة (٢).
والنعمان بن بشير الأنصاري (٣) هذا كان معروفاً بعثمانيته ، فهو من آحاد الأنصار
__________________
(١) سورة الجمعة / ١١.
(٢) أنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ١٣٧.
(٣) قال ابن سعد في الطبقات ٦ / ٥٣ : وكان النعمان بن بشير والي الكوفة لمعاوية بن أبي سفيان ، وأقام بها وكان عثمانياً. قال في الإصابة : قال أبو مسهر : عن شعبة بن عبد العزيز : كان قاضي دمشق بعد فضالة بن عبيد. وقال سماك بن حرب : استعمله معاوية على الكوفة. (في الجرح والتعديل : كانت ولايته لها تسعة أشهر ، وقيل : سبعة أشهر). وقال الهيثم : نقله معاوية من إمرة الكوفة إلى إمرة حمص ، وضمّ الكوفة إلى عبيد الله بن زياد. وفي تاريخ الطبري ٤ / ٤٣٠ سنة ٣٥ ، قال الطبري : حدّثني عمر قال : حدّثنا أبو الحسن قال : أخبرنا شيخ من بني هاشم ، عن عبد الله بن الحسن قال : لمّا قُتل عثمان بايعت الأنصار علياً إلاّ نفيراً يسيراً منهم حسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، ومسلمة بن مخلد ، وأبو سعيد