فأبان الله به الهدى ، وكشف به العمى ، واستنقذ به من الضلالة والردى ، وأبهج به الدين ، وجعله رحمة للعالمين ، وختم به وحيه.
ثمّ استخلف خلفاءه على منهاج نبوّته حين قبض نبيه صلىاللهعليهوآله ، وختم به وحيه لإنفاذ حكمه ، وإقامة سنّته وحدوده …
فتتابع خلفاء الله على ما أورثهم الله عليه من أمر أنبيائه ، واستخلفهم عليه منه لا يتعرّض لحقّهم أحد إلاّ صرعه الله ، ولا يُفارق جماعتهم أحد إلاّ أهلكه الله ، ولا يستخفّ بولايتهم ويتّهم قضاء الله فيهم أحد إلاّ أمكنهم الله منه ، وسلّطهم عليه ، وجعله نكالاً وموعظة لغيره ، وكذلك صنع الله بمَنْ فارق الطاعة التي أمر بلزومها والأخذ بها.
فبالخلافة أبقى الله مَنْ أبقى في الأرض من عباده ، وإليها صيّره ، وبطاعة مَنْ ولاّه إيّاها سعد مَنْ أكرمها ونصرها ؛
فمَنْ أخذ بحظّه منها كان لله وليّاً ، ولأمره مطيعاً ...
ومَنْ تركها ورغب عنها ، وحاد الله فيها أضاع نصيبه ، وعصى ربّه ، وخسر دنياه وآخرته ، وكان ممّن غلبت عليه الشقوة ، واستحوذت عليه الاُمور الغاوية التي تورد أهلها أفظع المشارع ، وتقودهم إلى شرّ المصارع فيما يحلّ الله بهم في الدنيا من الذلّة والنقمة ، وصيّرهم فيما عندهم من العذاب والحسرة.
والطاعة رأس هذا الأمر ، وذروته وسنامه ، وملاكه وزمامه ، وعصمته وقوامه بعد كلمة الإخلاص التي ميّز الله بها بين العباد.
وبالطاعة نال المفلحون من الله منازلهم ، واستوجبوا عليه ثوابهم ...
وبترك الطاعة والإضاعة لها ، والخروج منها ، والإدبار عنها ، والتبذّل للمعصية بها أهلك الله مَنْ ضلّ وعتا ، وعمي وغلا ، وفارق مناهج البرّ والتقوى.
فالزموا طاعة الله فيما عراكم ونالكم وألمَّ بكم من الاُمور ، وناصِحوها واستوثقوا عليها ، وارعوا إليها وخالصوها ، وابتغوا القربة إلى الله بها ؛ فإنّكم قد رأيتم مواقع الله