فاحمدوا الله ربّكم الرؤوف بكم ، الصانع لكم في أموركم على الذي دلكم عليه من هذا العهد ، الذي جعله لكم سكناً ومعولاً تطمئنون إليه ، وتستظلّون في أفنانه في أمر دينكم ودنياكم ؛ فإنّ لذلك خطراً عظيماً من النعمة … فأنتم حقيقون بشكر الله فيما حفظ به دينكم ، وأمر جماعتكم من ذلك ، جديرون بمعرفة كنه واجب حقّه فيه ، وحمده على الذي عزم لكم منه ، فلتكن منزلة ذلك منكم وفضيلته في أنفسكم على قدر حسن بلاء الله عندكم فيه ، إنّ شاء الله ولا قوّة إلاّ بالله (١).
وخلاصة هذا العهد اُمور :
١ ـ إنّ الحاكم خليفة الله تعالى ووارث أمر النبي صلىاللهعليهوآله.
٢ ـ بوجود الخليفة يبقى مَنْ يبقى من الناس.
٣ ـ طاعة الحاكم رأس الطاعات بعد كلمة التوحيد.
٤ ـ مَنْ يطع الحاكم كان لله وليّاً ، واستحق من الله ثوابه ، ومَنْ يعصه كان لله عدوّاً ، واستحق من الله نقمته وسخطه.
٥ ـ إنّ مَنْ عصى خليفة الله وخرج عليه أمكنه الله منه ، وجعله نكالاً لغيره.
٦ ـ إنّ نظام تولية العهد إلهام من الله تعالى لخلفائه في حفظ الدين والأمّة من الاختلاف.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : هل إنّ مبتدع هذه البدعة بتسمية الحاكم خليفة الله هو عبد الملك ، ومن جاء بعده ، أم إنّ المسألة تتجاوزهم إلى معاوية مؤسس الدولة الاُمويّة؟
ادّعاء معاوية الخلافة عن الله تعالى :
وإذا رجعنا إلى كتب التاريخ وكتب الشعر نجد ما يلي :
__________________
(١) تاريخ الطبري ٧ / ٢٢٣ (سنة ١٢٥).