قط إلاّ ما فعلت بأهل المدينة (١).
وفي رواية اليعقوبي : اللّهمّ إن عذّبتني بعد طاعتي لخليفتك يزيد بن معاوية ، وقتل أهل الحرّة ، فإنّي إذن لشقي (٢)!
قال ابن حجر : روى أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق قال : كان شمر يصلّي معنا ، ثمّ يقول : اللّهمّ إنّك تعلم أنّي شريف فاغفر لي. قلت : كيف يغفر الله لك وقد أعنت على قتل ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله؟! قال : ويحك! فكيف نصنع؟ إنّ أمراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم نخالفهم ، ولو خالفناهم كنّا شرّاً من هذه الحمر الشقاء (٣).
وقد انتهت هذه التربية في العراق بعد مقتل الحسين عليهالسلام ، ولم يستطع بنو اُميّة فرضها من جديد على أهل العراق حين حكموا العراق بعد قتل مصعب بن الزبير إلى تمام ستين سنة من ملك بني مروان ، ولكنّها استمرت في الشام من خلال إصرار خلفاء بني اُميّة على عرض أنفسهم على أنّهم أئمّة مقرّبون عند الله تعالى ، يشفعون لأوليائهم.
روى البلاذري عن المدائني : أنّه لمّا مات الحجّاج ذكره الوليد ، وذكر قرّة بن شريك فترحم عليهما ، وقال : كانا منقادين لأمرنا ، والله لأشفعنّ لهما عند ربّي ، ولأسألنّه أن يدخلهما الجنة. يا أهل الشام ، أحبّوا الحجّاج ؛ فإنّ حبّه إيمان وبغضه كفر (٤).
ويتّضح من ذلك أيضاً : أنّ ما جرى من قتل الحسين عليهالسلام ، وحمل رأسه ورؤوس أهل بيته وأصحابه مع عياله أسرى إلى الشام ، وما جرى من قتل أهل مدينة النبي صلىاللهعليهوآله في واقعة
__________________
(١) فتوح ابن أعثم ٥ / ٣٠١.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٥١.
(٣) لسان الميزان ترجمة شمر بن ذي الجوشن.
(٤) الحجّاج بن يوسف الثقفي ـ إحسان صدقي العمد / ٥٣٦ ، نقلاً عن مخطوطة أنساب البلاذري (م ٧٨ ورقة ١٢٤٧ وورقة ١٢١٩ مصوّرة دار الكتب المصرية رقم ١١٠٣) ، رسالة ماجستير من كلّية الآداب جامعة الكويت ، بإشراف الدكتور حسين مؤنس ، أُجيزت سنة ١٩٧٢ ، طبعت سنة ١٩٧٣ بيروت.