خطّة الحسين عليهالسلام في التغيير :
ليس من شك أنّ خروج الحسين عليهالسلام وثورته وقيامه لا يشبه خروج طلحة والزبير ؛ لأنّه لم يرتبط بعهد بيعة ثمّ نقضه ، ولا تشبه خروج وثورة الخوارج ؛ لأنّه لا يكفّر المسلمين ، ولا يبادئ أهل القبلة بقتال كما كان يصنعون ، وإنّما الذي تبنّاه من نشاطات وأهداف هو الاُمور التالية :
١ ـ العمل السرّي بين الأمّة لنشر الأحاديث الصحيحة التي عمل النظام الأموي على طمسها وإماتتها في المجتمع ، وكان آخر نشاط في هذا الصدد هو المؤتمر السرّي الذي عقده في موسم الحجّ قبل موت معاوية بسنة ، وسيأتي الحديث عنه.
٢ ـ كسر الطوق الاجتماعي والسياسي المفروض على الأحاديث النبويّة الصحيحة بالمبادرة إلى التحديث بها علناً من قبل الحسين عليهالسلام بعد موت معاوية ؛ لإسماع مَنْ لم يسمعها ، وتذكير مَنْ كان قد سمعها ثمّ تناساها صاحبها خشية أن تناله أعظم العقوبة بسببها. وهذا الهدف يناسبه أن يمارسه الحسين عليهالسلام في بقعة يتواجد فيها المسلمون من كلّ الأطراف ، وليس مثل مكة بلد في هذه الصفة ؛ إذ هي قبلة المسلمين جميعاً ، ومهوى أفئدتهم في موسم العمرة والحج.
٣ ـ إفهام المسلمين جميعاً أنّ السلطة الأموية مصمّمة على قتله ؛ لأنّه مصمّم على عدم الاستجابة لسياستها في كتمان الحقّ بل مصمّم على توعية الأمّة بأحاديث جدّه صلىاللهعليهوآله فيه وفي أبيه عليهالسلام ، وفي بني أميّة وفي أحكام الإسلام التي غيّروها ، ثمّ يعرض عليهم أن يحموه وتُحمى عملية التبليغ عن جدّه. وليس من شك أنّ أفضل مكان يستطيع الحسين عليهالسلام فيه أن يلتقي بأخيار المسلمين من كلّ الأقطار هو مكّة ، وبخاصة في موسم العمرة والحج.
٤ ـ أن تتوفّر له حماية أولية تسمح له أن يمارس في ظلّها حركته التبليغية المعلنة في مرحلتها الأولى ريثما يحصل على أنصار في بلد يتبنّى نصرته وحمايته. وقد تمثّلت هذه