نجدته وبأسه ، فأفضوا إليهم ما هم عليه من شنآن ابن أبي سفيان والبراءة منه ، ويسألونه الكتابة إليهم برأيه.
فكتب الحسين عليهالسلام إليهم : «إنّي لأرجو أن يكون رأي أخي رحمهالله في الموادعة ، ورأيي في جهاد الظلمة رشداً وسداداً ؛ فالصقوا بالأرض ، واخفوا الشخص ، واكتموا الهوى ، واحترسوا من الأظنّاء (١) ما دام ابن هند حيّاً ؛ فإن يحدث به حدث وأنا حيٌّ يأتكم رأيي إن شاء الله» (٢).
وفي كلام له عليهالسلام مع محمد بن بشر الهمداني وسفيان بن ليلى الهمداني :
«ليكن كلّ امرئ منكم حِلساً من أحلاس بيته ما دام هذا الرجل حيّاً ، فإن يهلك (ونحن) وأنتم أحياء رجونا أن يخير الله لنا ، ويؤتينا رشدنا ، ولا يكلنا إلى أنفسنا ؛ فإنّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون» (٣).
رسالة الحسين عليهالسلام إلى معاوية بعد قتل حجر وأصحابه :
روى ابن قتيبة والكشي : أنّ مروان بن الحكم كتب إلى معاوية (وهو عامله على المدينة) أنّ رجالاً من أهل العراق ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي ، وأنّه لا يُؤمن وثوبه. وقال : وقد بحثت عن ذلك فبلغني أنّه يريد الخلافة ... (٤).
وفي رواية البلاذري : وكان رجال من أهل العراق وأشراف أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين يجلّونه ويعظّمونه ، ويذكرون فضله ويدعونه إلى أنفسهم ، ويقولون إنّا لك عضد ويد ؛ ليتّخذوا الوسيلة إليه ، وهم لا يشكّون في أنّ معاوية إذا مات لم يعدل الناس بحسين
__________________
(١) جمع الظنين ، وهو المتّهم الذي تظنّ به التّهمة ، ومصدرها الظِّنة. يُقال منه : أظنّه وأطنه (بالطاء والظاء) إذا اتّهمه. ورجل ظنين : متّهم من قوم أظنّاء. (لسان العرب).
(٢) أنساب الأشراف ـ تحقيق المحمودي ٣ / ١٥١ ـ ١٥٢ ، الأخبار الطوال ـ للدينوري / ٢٢٢.
(٣) أنساب الأشراف ٣ / ١٥٠.
(٤) الإمامة والسياسة ـ لابن قتيبة ، اختيار معرفة الرجال للطوسي.