وروى البسوي كتاب ابن عباس إلى يزيد بعد قتل الحسين وواقعة الحرّة جاء فيه : ... فما أنس من الأشياء فلست بناسٍ اطِّرادَك حسيناً رحمهالله من حرم رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى حرم الله تعالى (١) ، وتسييرَك إليه الرجال لتقتله في الحرم ، فما زلتَ بذلك وعلى ذلك حتّى أشخصته إلى العراق ، فخرج خائفاً يترقّب ، فتزلزلتْ به خيلُك عداوةً لله ولرسوله ولأهل بيته عليهمالسلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً (٢).
وفي رواية اليعقوبي : فما زلتَ بذلك كذلك حتّى أخرجته من مكّة إلى أرض الكوفة ، تزأر به خيلك وجنودك زئير الأسد ؛ عداوةً منك لله ولرسوله ولأهل بيته عليهمالسلام ، ثمّ كتبت إلى ابن مرجانة أن يستقبله بالخيل والأسنَّةِ والسيوف (٣).
قتل مسلم وهانئ :
لمّا بلغ يزيد حركة مسلم بن عقيل في الكوفة وضعف واليها النعمان بن بشير في مواجهة حركة الثورة فيها ، عزله عنها وضمّها إلى عبيد الله بن زياد والي البصرة ، وكلّفه بالبحث عن مسلم ومَنْ معه وسجنهم أو قتلهم.
وجاء ابن زياد إلى الكوفة وهو وارث خبرة أبيه وقسوته ودرايته ، واجتمع بالعرفاء والمناكب (٤) والشُّرْطة (٥) ، وشدَّدَ عليهم وهدَّدَهم ، ودَسَّ الرجال ليتعرَّفوا له خبر مسلم ،
__________________
(١) يفيد هذا النص أنّ الحسين عليهالسلام لو كان قد بقي في المدينة لأخذته جلاوزة السلطة الاُمويّة هناك ، ويؤكّد ذلك ما رواه الطبري أنّ يزيد كتب إلى والى المدينة الوليد بن عتبة رسالة خاصة يقول له فيها : أمّا بعد ، فخذ حسيناً ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً ، ليست فيه رخصة حتّى يبايعوا والسلام.
(٢) المعرفة والتاريخ / ٥٣٢.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٤٧.
(٤) جاء في لسان العرب لابن منظور مادة (نكب) : منكب القوم : رأس العرفاء على كذا وكذا ، عريفاً منكب ، ويُقال له : النكابة في قومه. والنكابة : كالعرافة والنقابة.
(٥) الشُّرْطة ، والشُّرَطة : سمّوا بذلك لأنّهم أُعدوا لذلك وأعدوا أنفسهم بعلامات ، وهم أوّل كتيبة تشهد الحرب وتتهيَّأ للموت ، ومنه شرطة الخميس : أي مقدّمة الجيش. لسان العرب.