مَقدَماً منه ، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، إن كانت الرجّالة لتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف الِمعزى إذا شدَّ فيها الذئب.»
قال هشام : حدّثني عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي قال : عطش الحسين عليهالسلام حتّى اشتدّ عليه العطش ، فدنا ليشرب من الماء ، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه ، فجعل يتلقّى الدم من فمه ويرمي به إلى السماء ، ثمّ حمد الله وأثنى عليه ، ثمّ جمع يديه فقال : «اللّهمّ أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تذر على الأرض منهم أحداً».
قال هشام ، عن أبيه محمد بن السائب ، عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة قال : حدّثني مَنْ شهد الحسين عليهالسلام في عسكره ، أنّ حسيناً حين غُلب على عسكره ركب المُسنّاة يريد الفرات ، فضربه رجل من بني أبان بن دارم بسهم فأثبته في حنك الحسين عليهالسلام ، فانتزع الحسين السهم ، ثم بسط كفيه فامتلأت دماً ، ثمّ قال الحسين عليهالسلام : «اللّهمّ إنّي أشكو إليك ما يُفعل بابن بنت نبيّك».
قال أبو مخنف في حديثه : إنّ شمر بن ذي الجوشن أقبل في نفر نحو من عشرة من رجّالة أهل الكوفة قِبَلَ منزل الحسين عليهالسلام الذي فيه ثقله وعياله ، فمشى نحوه ، فحالوا بينه وبين رحله.
قال الحسين عليهالسلام :
ويلكم : يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون يوم المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم ، هذه ذوي أحساب ، امنعوا عتاتكم وطغاتكم (طغامكم) عن التعرّض لحرمي (١).
__________________
(١) الفتوح ـ لابن أعثم ٥ / ٢١٤.