فقال ابن ذي الجوشن : ذلك لك يابن فاطمة ، وأقدم عليه بالرَّجّالة فأخذ الحسين عليهالسلام يشدّ عليهم فينكشفون عنه.
ثمّ إنّهم أحاطوا به إحاطة وقد أوثقته السهام ، فحملوا عليه من كلّ جانب.
قال : ومكث الحسين عليهالسلام طويلاً من النهار ، كلّما انتهى إليه رجل من الناس انصرف عنه ، وكره أن يتولّى قتله ، وعظيم إثمه عليه. قال : وإنّ رجلاً من كندة يُقال له مالك بن النسير من بني بداء أتاه فضربه على رأسه بالسيف ، وعليه برنس له فقطع البرنس وأصاب السيف رأسه فأدمى رأسه ، فامتلأ البرنس دماً ، فقال له الحسين عليهالسلام : «لا أكلت بها ولا شربت ، وحشرك الله مع الظالمين».
قال أبو مخنف : فوالله إنّه لكذلك ، إذ خرجت زينب ابنة فاطمة ، أخته (سلام الله عليها) ، وهي تقول : ليت السماء تطابقت على الأرض. وقد دنا عمر بن سعد من الحسين عليهالسلام ، فقالت : يا عمر بن سعد ، أيُقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟! قال : فكأنّي أنظر إلى دموع عمر وهي تسيل على خديه ولحيته. قال : وصرف بوجهه عنها.
قال : ولقد مكث طويلاً من النهار ، ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا ، ولكنّهم كان يتقي بعضهم ببعض ، ويحبّ هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء.
قال : فنادى شمر في الناس : ويحكم ماذا تنتظرون بالرجل؟ اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم. قال : فحُمل عليه من كلّ جانب ، فضُربت كفّه اليسرى ضربة ضربها زرعة بن شريك التميمي ، وضُرب على عاتقه ، ثمّ انصرفوا وهو ينوء ويكبو. قال : وحمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعي فطعنه بالرمح فوقع.
قال : ثمّ قال شمر لِخَوَلّي بن يزيد الأصبحي : احتز رأسه ، فأراد أن يفعل فضعف فأَرْعَد. فنزل إليه سنان بن أنس فذبحه واحتزّ رأسه ، ثمّ دفعه إلى خولّي بن يزيد ، وقد ضُرب قبل ذلك بالسيوف.
قال علي بن أسباط ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام : «لقد قتلوه قتلة نهى