فخرج إلى الشام فكان مع معاوية ، وخرج مالك بن مسمع إلى معاوية على مثل ذلك الرأي في العثمانية ، فأقام عبيد الله عند معاوية وشهد معه صفين ، ولم يزل معه حتّى قُتل علي عليهالسلام ، فلمّا قُتل علي قدم الكوفة.
أقول : قدم الكوفة بعد أن تمّ الصلح بين معاوية والحسن عليهالسلام وصارت الكوفة تابعة لمعاوية.
قال ابن سعد : لقي عبيد الله بن الحرّ الحسين بن علي عند قصر مقاتل ، فدعاه حسين إلى نصرته والقتال معه ، فأبى وقال : قد أبيت أباك قبلك (١).
قال ابن سعد : فندم عبيد الله بن الحرّ على تركه نصرة حسين عليهالسلام (٢).
قال أبو مخنف : حدّثني عبد الرحمن بن جندب الأزدي أنّ عبيد الله بن زياد بعد قتل الحسين عليهالسلام تفقّد أشراف أهل الكوفة فلم يرَ عبيد الله بن الحرّ ، ثمّ جاءه بعد أيام حتّى دخل عليه فقال : أين كنت يابن الحرّ؟
قال : كنت مريضاً. قال : مريض القلب ، أو مريض البدن؟
قال : أمّا قلبي فلم يمرض ، وأمّا بدني فقد منَّ الله عليَّ بالعافية. فقال له ابن زياد : كذبت ، ولكنّك كنت مع عدوّنا. قال : لو كنت مع عدوّك لرُئي مكاني ، وما كان مثل مكاني يخفى.
قال : وغفل عنه ابن زياد غفلة ، فخرج ابن الحرّ فقعد على فرسه.
فقال ابن زياد : أين ابن الحرّ؟ قالوا : خرج الساعة. قال : عليّ به. فحضرته الشرطة ، فقالوا له : أجب الأمير ، فدفع فرسه. ثمّ قال : أبلغوه أنّي لا آتيه والله طائعاً أبداً. ثمّ خرج حتّى أتى منزل أحمر بن زياد الطائي ، فاجتمع إليه في منزله أصحابه ، ثمّ خرج حتّى أتى كربلاء ، فنظر إلى مصارع القوم ، فاستغفر لهم هو وأصحابه ، ثمّ مضى حتّى نزل المدائن ،
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤٠٧.
(٢) طبقات ابن سعد المفقود ١ / ٥١٣.