ويعتقد الشيعة تبعاً للرواية عن الأئمّة عليهمالسلام : أنّ الشهداء على الناس في قوله تعالى : (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُو اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُو سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) الحج / ٧٨ ، هم هؤلاء الاثنا عشر فقط ، وقد جعلهم النبي صلىاللهعليهوآله عدلَ القرآن بقوله : «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً ؛ كتاب الله وعِترتي أهل بيتي». وأنّ الآية الكريمة : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ) الأنعام / ٨٩ ـ ٩٠ ، تشير إليهم وإلى وظيفتهم ، والكفر بالرسالة هو رفضها أو تحريفها. لقد وكّل الله تعالى بدينه ورسالته بعد النبي صلىاللهعليهوآله هؤلاء الاثني عشر من أهل بيته ؛ ليدافعوا عنها ويحفظوها في المجتمع إذا تعرّضت لتحريفٍ ماحِقٍ يستلزم بطلان حجّة الله تعالى على الناس.
التناظر التكويني بين الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام والأئمّة من بني إسرائيل
وقد شاءت حكمة الله تعالى أن يكون هناك تناظر تكويني بين الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام والأئمّة من بني إسرائيل :
فجعل الله تعالى الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام اثني عشر ، نظير جعل الأئمّة من بني إسرائيل بعد موسى اثني عشر ، قال تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) المائدة / ١٢. وقد أكّد النبي صلىاللهعليهوآله هذه المقارنة حين سُئل عن عدد الأئمّة من بعده ، قال : «عدّة نقباء بني إسرائيل اثني عشر ، لا يضرّهم مَنْ عاداهم».
وجعل أغلب أوصياء محمّد صلىاللهعليهوآله من ذرّية أخيه ووزيره وأوّل أوصيائه علي عليهالسلام ، نظير جعله أغلب أوصياء موسى عليهالسلام بعده في ذرّية أخيه ووزيره هارون عليهالسلام ، وهم (آل هارون) (١).
__________________
(١) قضية التناظر بين آل محمّد صلىاللهعليهوآله وآل عمران وآل هارون والحجج الإلهيين في الأمم الماضية مسألة ملفتة