حنظلة الغسيل ورجاله بعده كما حدّثني عبد الله بن منقذ حتّى دنوا منه ، وركب مسلم بن عقبة فرساً له ، فأخذ يسير في أهل الشام ويحرّضهم ويقول : يا أهل الشام ، إنّكم لستم بأفضل العرب في أحسابها ولا أنسابها ، ولا أكثرها عدداً ولا أوسعها بلداً ولم يخصصكم الله بالذي خصّكم به من النصر على عدوّكم ، وحسن المنزلة عند أئمّتكم إلاّ بطاعتكم واستقامتكم ، وإنّ هؤلاء القوم وأشباههم من العرب غيّروا فغيّر الله بهم ، فتمّوا على أحسن ما كنتم عليه من الطاعة يتمم الله لكم أحسن ما ينيلكم من النصر والفلج. ثمّ جاء حتّى انتهى إلى مكانه الذي كان فيه ، وأمر الخيل أن تقدم على ابن الغسيل وأصحابه ، فأخذت الخيل إذا أقدمت على الرجال فثاروا في وجوهها بالرماح.
مقتل معقل بن سنان الأشجعي :
قال الحاكم في مستدرك الصحيحين ٣ / ٥٣٣ : كان معقل بن سنان بن مطهر بن عركي بن فتيان بن سبيع بن بكر بن أشجع شهد الفتح مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فحدّثني أبو عبد الرحمن بن عثمان بن زياد الأشجعي ، عن أبيه قال : كان معقل بن سنان الأشجعي قد صحب النبي صلىاللهعليهوآله ، وحمل لواء قومه يوم الفتح ، وكان شاباً طرياً ، وبقي بعد ذلك حتّى بعثه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، وكان على المدينة ، فاجتمع معقل بن سنان ومسلم بن عقبة الذي يعرف بمسرف ، (فقال معقل لمسرف ، وقد كان آنسه وحادثه إلى أن ذكر معقل يزيد بن معاوية).
فقال معقل : إنّي خرجت كُرها لبيعة هذا الرجل ، وقد كان من القضاء والقدر خروجي إليه ؛ هو رجل يشرب الخمر ويزني بالحرم. ثمّ نال منه وذكر خصالاً كانت فيه ، ثمّ قال لمسرف : أحببت أن أضع ذلك عندك.
فقال مسرف : أما أن أذكر ذلك لأمير المؤمنين يومي هذا فلا والله لا أفعل ، ولكن لله عليّ عهد وميثاق لا تمكنني يداي منك ولي عليك مقدرة إلاّ ضربت الذي فيه عيناك.