ذكر هشام بن محمد عن أبي مخنف : أنّ فضيل بن خديج حدّثه عن عبيدة بن عمرو وإسماعيل بن كثير من بني هند أنّ أصحاب سليمان بن صرد (رفاعة بن شداد ، والمثنى بن مخربة العبدي ، وسعد بن حذيفة بن اليمان ، ويزيد بن أنس ، وأحمر بن شميط الأحمسي ، وعبد الله بن شداد البجلي ، وعبد الله بن كامل) ، لمّا قدموا الكوفة من عين الوردة ، كتب المختار إليهم وهو محبوس : أمّا بعد ، فمرحباً بالعصبة الذين حكم الله لهم بالأجر حين رحلوا ، ورضي انصرافهم حين أقبلوا ، إنّ سليمان بن صرد رحمهالله قضى ما عليه وتوفّاه الله إليه ، فجعل روحه مع أرواح الأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين ... أعدّوا واستعدوا ؛ فإنّي أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه ، والطلب بدماء أهل البيت ، والدفع عن الضعفاء ، وجهاد المحلّين. فأجابوه إلى ما دعاهم إليه ، وقالوا : إن شئت أخرجناك من محبسك. فقال : أنا أخرج من محبسي في أيامي هذه. وكانت صفية بنت عبيد أخته امرأة عبد الله بن عمر ، فكتب إلى عبد الله بن عمر يعلمه أنّ عبد الله بن يزيد وابن محمد بن طلحة حبساه لغير جناية ، فكتب إليهما يسألهما إخراجه فأخرجاه (١).
قال الطبري : ولمّا نزل المختار داره عند خروجه من السجن اختلف إليه الشيعة ، واجتمعت عليه واتفق رأيها على الرضا به ، وكان الذي يبايع له الناس وهو في السجن خمسة نفر ؛ السائب بن مالك الأشعري ، ويزيد بن أنس ، وأحمر بن شميط ، ورفاعة بن شداد الفتياني ، وعبد الله بن شداد الجشمي.
قال : فلم تزل أصحابه يكثرون وأمره يقوى ويشتدّ حتّى عزل ابن الزبير عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة ، وبعث عبد الله بن مطيع على عملهما إلى الكوفة.
قال : وقدم عبد الله بن مطيع الكوفة في رمضان سنة خمس وستين يوم الخميس لخمس بقين من شهر رمضان ، وأقام على الصلاة والخراج ، وبعث على شرطته إياس بن مضارب العجلي.
__________________
(١) أنساب الأشراف ٦ / ٣٧٤.