استخلف مصعب على الكوفة القُباع ، وكان والياً من قبله على البصرة ، وأمره أن يجعل عمرو بن حريث خليفته ، وولّى القُباع شُرَطَه شبث بن رِبعي.
عبد الله بن الزبير يُحيي سيرة الشيخين في الكوفة :
صفا الجو لعبد الله بن الزبير في الحجاز والعراق واليمن وجزء من فارس مدّة خمس سنوات ، ونفّذ سياسته الإعلامية (١) التي يريد ضدّ علي عليهالسلام وشيعته بأسلوبين :
الاُسلوب الأوّل : استخدمه في الحجاز ، وهو المنع من العمل بمدرسة علي في إحياء السنّة النبويّة ، والمنع من نشر أحاديث النبي في أهل بيته ، وتطويق ابن عباس وابن الحنفيّة وأصحابهم ، ثمّ إبعادهم أخيراً إلى الطائف. وقد استمرت هذه السياسة بعد قتل ابن الزبير حين حكم بنو اُميّة الجاز ... وفي ضوء ذلك كان محبّو أهل البيت في الحجاز في تلك الفترة قليلين. روى أبو عمر النهدي قال : سمعت علي بن الحسين عليهالسلام يقول : «ما بمكة والمدينة عشرون رجلاً يحبّنا» (٢).
__________________
(١) كانت سياسة عبد الله بن الزبير الإعلامية ذات شقين ؛ الأوّل : يرتبط بالموقف من مدرسة علي ، وهو ما ذكرناه في المتن. الثاني : يرتبط بالموقف من بني اُميّة ويرتكز على تبنّي نشر أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله في بني اُميّة.
(٢) قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٤ / ١٠١ كان سعيد بن المسيب منحرفاً عن أمير المؤمنين ، وجبهه محمد بن علي في وجهه بكلام شديد. روى عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبي داود الهمداني قال : شهدت سعيد بن المسيب ، وأقبل عمر بن علي بن أبي طالب ، فقال له سعيد : يابن أخي ، ما أراك تكثر غشيان مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله كما تفعل إخوتك وبنو عمك؟ فقال عمر : يابن المسيّب ، أكلّما دخلت المسجد أجيء فأشهدك؟ فقال سعيد : ما أحبّ أن تغضب. سمعت أباك يقول : «إنّ لي من الله مقاماً لهو خير لبني عبد المطلب ممّا على الأرض من شيء». فقال عمر : وأنا سمعت أبي يقول : «ما كلمة حكمة في قلب منافق فيخرج من الدنيا حتّى يتكلّم بها». فقال سعيد : يابن أخي ، جعلتني منافقاً؟! فقال : هو ما أقول. ثمّ انصرف.
وكان الزهري من المنحرفين عنه. وروى جرير بن عبد الحميد ، عن محمد بن شيبة قال : شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران علياً فنالا منه ، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهالسلام