قال : مَثَلُنا ومثَلُك ومَثَل أهل الشام ، قول الأعشى :
عُلِّقْتُها عَرَضاً وعُلِّقت رجلاً غيري |
|
وعُلِّقَ اُخرى غيرَها الرَّجُلُ |
أحبَّك أهلُ العراق وأحببتَ أهل الشام ، وأحبَّ أهلُ الشام عبدَ الملك ، فما تصنع؟(١)
أقول :
يريد المتكلّم بأهل العراق في حديثه : أهل البصرة ، ورؤوس الجيش الكوفي الذين قاتلوا الحسين ؛ شبث بن ربعي ، وحجّار بن أبجر ، ومحمد بن الأشعث ، ونظراءهم الذين بايعوا لدُحروجة الجُعل والياً لعبد الله بن الزبير بعد موت يزيد.
قال البلاذري : ولمّا جاء عبد الله بن الزبير خبر مقتل أخيه مصعب أضرب عن ذكره أياماً ، ثمّ صعد المنبر فجلس عليه مليّاً لا يتكلّم ، والكآبة بادية في وجهه ، ثمّ قال : ... إنّه أتانا خبر من العراق أحزننا ... إنّ أهل العراق أهل الغدر والنفاق ، أسلموه وباعوه بأقل ثمن وأخَسِّه ... (٢).
أقول :
إنّ أهل الغدر هؤلاء الذين يشير إليهم ابن الزبير هم الذين عُرِفوا بنفاقهم وارتباطهم ببني اُميّة أيام علي عليهالسلام ، ثمّ تولّوا الأمور بعد وفاة الحسن عليهالسلام ، ونفّذوا خطّة معاوية وابنه يزيد في تصفية مدرسة علي عليهالسلام ، كما مرّ بحثه في فصل خطّة معاوية في تصفية التشيّع في الكوفة.
وهل يترقّب عبد الله بن الزبير من الوجوه التي شهدت على حجر بن عدي زوراً لقتله ، أو قتلت الحسين عليهالسلام وصحبه وأهل بيته أن تكون وفيّة له ولأخيه مصعب ، وهي ترى مصعباً لا يتوّرع عن قتل سبعة آلاف من المسلمين صبراً ، ولا يتوّرع عن قتل زوجة المختار ؛ لأنّها لم تتبرأ من زوجها ، وشهدت بقيامه الليل وصيامه النهار؟
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٧ / ٧٥.
(٢) أنساب الأشراف ٧ / ١٠٣.