وإلى جانب الأمِّيين هؤلاء حرَّف اليهود من أهل الكتاب كتاب الله (التوراة) ، وأدخلوا فيه الأساطير ، وكذلك حرَّف المسيحيون الإنجيل ، واتّخذ أهل الكتاب أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله.
وكذلك القبائل العربية في الحجاز اتّخذت قريشاً أرباباً من دون الله حين كانوا يشرعون لهم من الدين ما فيه تحريف لشريعة إبراهيم ، ويقبلون ذلك منهم.
بعث الله تعالى محمداً صلىاللهعليهوآله وأنزل عليه القران كتاب هدى ، ونسخ به كتب أهل الكتاب ، كما هدم به الإمامة الدينية لهم ولقريش.
وشاءت حكمة الله أن يجعل القرآن بحاجة إلى شرح وتفصيل : (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثمّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) القيامة / ١٨ ـ ١٩ ، وشاءت حكمته تعالى أن يكون النبي صلىاللهعليهوآله مصدر البيان : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِم) النحل / ٤٤. وبعبارة اُخرى : أن يؤخذ تفصيل القرآن وبيانه من سنة النبي (قوله وفعله وتقريره) ، وبذلك صار الإسلام عبارة عن كتاب الله وسنة النبي صلىاللهعليهوآله.
بلَّغ النبي صلىاللهعليهوآله القرآن وبيانه ، وقام المجتمع الإسلامي على اتّباع كتاب الله وسنة النبي صلىاللهعليهوآله.
وكَتَبَ علي عليهالسلام بأمر النبي صلىاللهعليهوآله كلَّ السنّة النبوية المطهّرة من خلال لقاءات خاصّة بينهما ، وجعلها في صُحُف لتكون تراثاً إلهياً للأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام ، نظير تراث آل هارون المذكور في القرآن (١) ؛ وبذلك صار علي عليهالسلام والطاهرون من ذرّيته عليهمالسلام المدخلَ الأمين والوحيد إلى سنة النبي صلىاللهعليهوآله الكاملة ، والعِدلَ الوحيد للقرآن لتحقيق الهداية
__________________
(١) قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً ... إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) البقرة / ٢٤٦ ـ ٢٤٨.