الحجّاج عامل عبد الملك فقد خلعنا عبد الملك. فاجتمعوا إلى عبد الرحمن فبايعوه ، وكانت بيعته : تبايعون على كتاب الله وسنّة نبيّه ، وخلع أئمّة الضلالة ، وجهاد المحلّين ، فإذا قالوا : نعم ، بايع ، فلمّا بلغ الحجّاج خلعه كتب إلى عبد الملك يخبره خبر عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، ويسأله أن يعجّل بعثه الجنود إليه.
قال أبو مخنف : حدّثني فضيل بن خديج أنّ مكتبه كان بكرمان ، وكان بها أربعة آلاف فارس من أهل الكوفة وأهل البصرة ، فلمّا مرّ بهم ابن محمد بن الأشعث انجفلوا معه.
هزيمة الحجّاج :
وعزم الحجّاج رأيه على استقبال ابن الأشعث ، فسار بأهل الشام حتّى نزل تستر ، وقدم بين يديه مطهر بن حرّ العكّي أو الجذامي ، وعبد الله بن رميثة الطائي ، ومطهر على الفريقين ، فجاؤوا حتّى انتهوا إلى دجيل وقد قطع عبد الرحمن بن محمد خيلاً له عليها عبد الله بن أبان الحارثي في ثلاثمئة فارس ، وكانت مسلحة له وللجند ، فلمّا انتهى إليه مطهر بن حرّ أمر عبد الله بن رميثة الطائي فأقدم عليهم.
قال أبو مخنف : فحدّثني أبو الزبير الهمداني قال : كنت في أصحاب ابن محمد إذ دعا الناس وجمعهم إليه ، ثمّ قال : اعبروا إليه من هذا المكان. فأقحم الناس خيولهم دجيل من ذلك المكان الذى أمرهم به ، فوالله ما كان بأسرع من أن عبر معظم خيولنا ، فما تكاملت حتّى حملنا على مطهر بن حرّ والطائي فهزمناهما يوم الأضحى في سنة ٨١ ، وقتلناهم قتلاً ذريعاً ، وأصبنا عسكرهم.
وأتت الحجّاج الهزيمة وهو يخطب ، فصعد إليه أبو كعب بن عبيد بن سرجس فأخبره بهزيمة الناس ، فقال : أيّها الناس ، ارتحلوا إلى البصرة ، إلى معسكر ومقاتل وطعام ومادة ؛ فإنّ هذا المكان الذي نحن به لا يحمل الجند. ثمّ انصرف راجعاً ، وتبعته خيول أهل العراق ، فكلّما أدركوا منهم شاذاً قتلوه ، وأصابوا ثقلاً حووه. ومضى الحجّاج لا يلوى على شيء