ثمّ الولاء لبني اُميّة بصفتهم أولى بالنبي صلىاللهعليهوآله وبدين إبراهيم عليهالسلام ، وأنّهم أئمّة هدى ، وأنّهم خلفاء الله وشفعاؤه في خلقه.
جدَّد وجوه الكوفيِّين العهد مع الحسين عليهالسلام بعد وفاة الحسن عليهالسلام ، وعرضوا عليه النهوض في وجه معاوية لنقضه الشروط. أجابهم الحسين عليهالسلام أنّ رأيه أن يكونوا أحلاس بيوتهم ريثما يموت معاوية (١) ، وطلب منهم العمل سرّاً على مواصلة نشر الحديث النبوي الصحيح ، وتكررت لقاءاتهم مع الحسين عليهالسلام لأخذ التوجيه منه ، وكان آخر لقاء له معهم هو قبل موت معاوية بسنة حيث جمعهم في مؤتمر سرّي تدارس فيه معهم الخطّة بعد موت معاوية.
عيَّن معاوية ولده يزيد خليفة من بعده ، وأخذ البيعة له من الناس ، وحاول أخذ البيعة له من وجوه كان يخشى أن لا تبايعه بعده ، منها الحسين عليهالسلام وعبد الله بن الزبير وغيرهما ، ولم ينجح معهم.
المعركة حول الهداية :
يتّضح من ذلك أنَّ المعركة الأساسية بين الحسين عليهالسلام وبين يزيد لم تكن معركة حول السلطة بل كانت حول الهداية ، نظير المعركة بين النبي صلىاللهعليهوآله وقريش لمّا بعث في مكة حيث
__________________
(١) روى اليعقوبي في تاريخه قال : ولمّا توفّي الحسن عليهالسلام وبلغ الشيعة ذلك اجتمعوا بالكوفة في دار سليمان بن صرد ، وفيهم بنو جعدة بن هبيرة ، فكتبوا إلى الحسين بن علي يعزّونه على مصابه بالحسن : بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام ، سلام عليك ، فإنّا نحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو. أمّا بعد ، فقد بلغنا وفاة الحسن بن علي ... ما أعظم ما أصيب به هذه الأمّة عامّة ، وأنت وهذه الشيعة خاصّة بهلاك ابن الوصي وابن بنت النبي صلىاللهعليهوآله ؛ علم الهدى ، ونور البلاد ، المرجو لإقامة الدين وإعادة سير الصالحين ، فاصبر رحمك الله ... فإنّ فيك خلفاً ممّن كان قبلك ، وإنّ الله يؤتي رشده مَنْ يُهدى بهديك ، ونحن شيعتك المصابة بمصيبتك ، المحزونة بحزنك ، المسرورة بسرورك ، السائرة بسيرتك ، المنتظرة لأمرك ، شرح الله صدرك ، ورفع ذكرك ، وأعظم أجرك ، وغفر ذنبك ، وردّ عليك حقّك.