حكم بني اُميّة وبداية حكم بني العباس ، حيث كانوا منشغلين بتثبيت ملكهم وسلطانهم ، وكتب أصحاب الصادق عنه أربعمئة مصنّف عُرفت عند الشيعة بالأصول الأربعمئة التي اعتمدها المحمّدون الثلاثة في تأليف موسوعاتهم الحديثية الأربعة المعروفة ، وهي : الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني (ت ٣٢٩) ، ومَنْ لا يحضره الفقيه لمحمد بن علي بن بابويه الصدوق (ت ٣٨١) ، والتهذيب والاستبصار لمحمد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠).
حصة الكوفة من نشاط الأئمّة عليهمالسلام :
أولى هؤلاء الأئمّة الكوفة عناية خاصّة بصفتها مركز الثقل لشيعتهم ، واستطاعوا أن يعيدوا البناء الشيعي فيها كما كان على عهد علي والحسن عليهمالسلام. هذا البناء الذي عمل معاوية على محوه والقضاء عليه ، واستهدفه في جملة ما استهدفه من أهداف ؛ وبسبب ذلك لم يتّخذ العباسيون الكوفة عاصمة لهم ؛ لوضوح ولائها للحسنيّين والحسينيّين.
روى حنان بن سدير ، عن أبيه قال : دخلت أنا وأبي وجدّي وعمّي حماماً بالمدينة ، فإذا رجل في بيت المسلخ ، فقال لنا : مَنْ القوم؟ فقلنا : من أهل العراق. فقال : وأيّ العراق؟ قلنا : كوفيّون. فقال : مرحباً بكم يا أهل الكوفة ، أنتم الشعار دون الدثار. فسألنا عنه فإذا هو علي بن الحسين عليهالسلام (١).
عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إنّ الله عرض ولايتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها إلاّ أهل الكوفة» (٢).
وروي عن الصادق عليهالسلام في فضل الكوفة قال : «تربة تحبّنا ونحبّها».
وعن عبد الله بن الوليد قال : دخلنا على أبي عبد الله عليهالسلام فسلّمنا عليه ، وجلسنا بين يديه ، فسألنا : «مَنْ أنتم؟». فقلنا : من أهل الكوفة. فقال : «أما إنّه ليس بلد من البلدان أكثر محبّاً لنا من أهل الكوفة … إنّ الله هداكم لأمر جهله الناس ، أحببتمونا وأبغضنا الناس ،
__________________
(١) الوسائل ١ / ٣٦٨ عن الكافي ، ورواه الصدوق (مَنْ لا يحضره الفقيه ١ / ١١٨) أيضاً.
(٢) كامل الزيارات / ٣١٣ ، بصائر الدرجات / ٩٦.