فقال : «أنشدكم الله إلاّ حدّثتم به مَنْ تثقون به وبدينه» (١).
ثانياً : التحرك العلني للحسين عليهالسلام بعد موت معاوية
وكانت خطواته الأساسية ثلاث هي :
أوّلاً : الإعلان عن عدم إعطاء بيعة ليزيد وإن كلّفه ذلك حياته ؛ وذلك لأنّ بيعته تعني إقرار المنهج التحريفي للإسلام الذي نهض به بنو اُميّة ، وتعني إقرارهم على منع نشر الحديث الصحيح في أهل البيت وعلي عليهالسلام.
قال عليهالسلام : «لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد» (٢). وهو في ذلك نظير جدّه النبي صلىاللهعليهوآله حين قال لعمّه أبي طالب : «ياعمّ ، والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتّى يظهره الله أو أهلك دونه» (٣). والقضية واحدة عند النبي صلىاللهعليهوآله وعند الحسين عليهالسلام ، قريش تريد من النبي صلىاللهعليهوآله أن يترك دعوة التوحيد ويقرّ عبادة الأصنام ، وبنو أميّة تريد من الحسين عليهالسلام أن يترك أحاديث جدّه في أهل بيته الذين عيّنهم بأمر الله تعالى حججاً على الناس تموت ، وتحلّ بدلها أحاديث كاذبة قيلت على لسانه في بني اُميّة والخلفاء منهم على أنّهم حجج الله وأئمّة الهدى.
ثانياً : الانطلاق من مكّة في الحركة :
وذلك بصفتها المكان الوحيد الذي يقصده المسلون من كلّ الأقطار للعمرة والحجّ ، والحسين عليهالسلام بأمس الحاجة إلى مكان كهذا من أجل كسر الطوق المفروض على الحديث الصحيح ، هذا مضافاً إلى تحرّكه على أخيار الأمّة القادمين من الآفاق لطلب نصرتهم ، وقد بقي في مكّة أربعة أشهر : شعبان ورمضان وشوال وذو القعدة ، وأيام من ذي الحجّة ، التفّ حوله المعتمرون والقادمون للحجّ يسمعون منه حديثه عن جدّه في فضل أبيه ، أو في فضله ، أو في جهاد الظالمين ، أو فيما سوف يُرتكب منه ، وقتله مظلوماً بشط الفرات.
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس (تحقيق محمد باقر الأنصاري / ٣٢١).
(٢) فتوح ابن أعثم ٥ / ٣١ ، مقتل الخوارزمي.
(٣) تاريخ الطبري ٣ / ٦٧.