ظلها إلاّ الغدر (١) ؛ فأقدم على نقض كلّ شرط أعطاه للحسن عليهالسلام ، ووضع خطّة تحقّق له ذلك ، وكان مفتاح الأمر هو أن يغتال الحسن عليهالسلام ؛ إذ لم يكن باستطاعته نقض الشروط والحسن عليهالسلام حي ، فاحتال ودسَّ السُّم بواسطة بنت الأشعث إحدى زوجات الإمام الحسن (٢). ثمّ تحرك معاوية وفق سياسة عامّة ، وكانت أهم بنودها ما يلي :
١ ـ لعن علي عليهالسلام وشتمه على منابر المسلمين ليربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ،
__________________
(١) حيث نقض أبوه أبو سفيان عهد الحديبيّة مع النبي صلىاللهعليهوآله.
(٢) قال في الاستيعاب في ترجمة الحسن عليهالسلام : قال قتادة وأبو بكر بن حفص : سُمّ الحسن بن علي ، سمّته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ، وقالت طائفة : كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما بذله لها في ذلك ، وكان لها ضرائر. وروى الذهبي عن الواقدي قال : وقد سمعت مَنْ يقول : كان معاوية قد تلطّف لبعض خدم الحسن أن يسقيه سمّاً. وروى أيضاً عن أبي عوانة ، عن مغيرة ، عن أمّ موسى : أنّ جعدة بنت الأشعث بن قيس سقت الحسن السمّ. سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٧٤. قال البدري : وقد عُرف معاوية أنّه كان يستعمل السمّ للتخلّص من خصومه ، فقد روى الطبري ٥ / ٩٦ في حوادث سنة ٣٨ : أنّ معاوية طلب من الحايستار رجل من أهل الخراج أن يحتل لقتل مالك الأشتر لمّا بعثه علي عليهالسلام والياً إلى مصر فدسّ له السمّ. وروى الطبري أيضاً ٥ / ٢٢٧ ، حوادث سنة ٤٦ قال : حدّثني عمر قال : حدّثني علي ، عن مسلمة بن محارب : أنّ عبد الرحمن بن خالد بن الوليد كان قد عظم شأنه بالشام ، ومال إليه أهلها لِما كان عندهم من آثار أبيه خالد بن الوليد ، ولغنائه عن المسلمين في أرض الروم وبأسه حتّى خافه معاوية وخشي على نفسه منه لميل الناس إليه ، فأمر ابن أثال أن يحتال في قتله ، وضمن له إن هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش ، وأن يولّيه جباية خراج حمص. فلمّا قدم عبد الرحمن بن خالد حمص منصرفاً من بلاد الروم دسّ إليه ابن أثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه ، فشربها فمات بحمص ، فوفّى له معاوية بما ضمن له ، وولاّه خراج حمص ووضع عنه خراجه. قال : وقدم خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المدينة ، فجلس يوماً إلى عروة بن الزبير فسلّم عليه ، فقال له عروة : مَنْ أنت؟ قال : أنا خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد. فقال له عروة : ما فعل ابن أثال؟ فقام خالد من عنده وشخص متوجّهاً إلى حمص ، ثمّ رصد بها ابن أثال فرآه يوماً راكباً ، فاعترض له خالد بن عبد الرحمن فضربه بالسيف فقتله ، فرفع إلى معاوية فحبسه أياماً ، وأغرمه ديته ولم يقده منه ، ورجع خالد إلى المدينة ، فلمّا رجع إليها أتى عروة فسلّم عليه ، فقال له عروة : ما فعل ابن أثال؟ فقال : قد كفيتك ابن أثال ، ولكن ما فعل ابن جرموز؟ فسكت عروة.