يُقال له إلاّ زياد بن أبيه (١) ، وقبل استلحاق معاوية له كان يُقال له : زياد بن عبيد ، وكانت أمّه سمية مولاة الحارث بن كلدة الثقفي تحت عبيد المذكور ، فولدت زياداً على فراشه فكان ينسب إليه ، فلمّا كان في خلافة معاوية شهد جماعة على إقرار أبي سفيان بأنّ زياداً ولده ، فاستلحقه معاوية لذلك وزوّج ابنه ابنته ، وأمّر زياداً على العراقين البصرة والكوفة جمعهما له ، ومات في خلافة معاوية سنة ثلاث وخمسين (٢).
قال الشوكاني بعد أن أورد نظير كلام ابن حجر : وقد أنكر هذه الواقعة على معاوية مَنْ أنكرها … وقد أجمع أهل العلم على تحريم نسبته إلى أبي سفيان ، وما وقع في زمان بني اُميّة فإنّما هو تقية (٣).
أقول : قال العلاّمة عبد الرحمن بن أبي بكر (ت ٩١١ هجرية) في شرحه لصحيح مسلم : (لمّا ادُّعي زياد) بضم الدال مبني للمجهول ، أي ادّعاه معاوية وألحقه بأبيه أبي سفيان بعد أن كان يُعرف بزياد بن أبيه ؛ لأنّ أمّه ولدته على فراش عبيد ، وهذه أوّل قضية غُيِّرَ فيها الحكم الشرعي في الإسلام (٤).
وقوله (أوّل قضية غُيِّرَ فيها الحكم الشرعي) : إشارة إلى ما عُرِف من قضاء النبي صلىاللهعليهوآله في مثل هذه القضية حيث هدم حكم الجاهليّة.
قال الخطابي وتبعه عياض والقرطبي وغيرهما : كان أهل الجاهليّة يقتنون الولائد
__________________
(١) بقي بعضهم يسمّيه زياد بن أبي سفيان من قبيل يحيى بن معين في تاريخه ٣ / ٣٤٥ في ترجمة أبي الحواري. قال يحيى : مولى لولد زياد بن أبي سفيان. والمزي في تهذيب الكمال في ترجمة قزعة بن يحيى ، ويُقال : ابن الأسود أبو الغادية البصري مولى زياد بن أبي سفيان.
(٢) فتح الباري ٣ / ٥٤٧.
(٣) نيل الأوطار ـ للشوكاني.
(٤) الديباج على صحيح مسلم ١ / ٨٤ طبعة السعودية ٤١٦. أقول : يصدق كلامه إذا قيدناه بفترة ما بعد علي والحسن وإلاّ فإنّ قبلهما قد غيّرت أحكام كثيرة علناً من قبل السلطة ، من قبيل تغيير حكم متعة الحجّ وغيره.