موضعه فمضى ولزم بيته ، فكان لا يحدّث أحداً من الواسطيين ؛ فلهذا قلّ حديثه عندهم ، وتوفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمئة. قال الذهبي : حدّثني ذلك شيخنا أبو الحسن المغازلي (١).
وقد بقيت تربية الانحراف في دمشق عن علي عليهالسلام بشكل ظاهر بعد أكثر من قرن ونصف من قيام الدولة العباسيّة. قال الإمام النسائي (٢) لمّا سُئل عن سبب تصنيف كتابه الخصائص ، قال : دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير. وصنف كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله (٣).
المنع من نشر حديث النبي صلىاللهعليهوآله في حقِّ عليٍّ عليهالسلام :
قال المدائني : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد وفاة الحسن عليهالسلام سنة ٥١ :
ألا برئت الذمّة ممّن روى حديثاً في مناقب علي وأهل بيته (٤).
وروى سليم بن قيس قال : مرّ معاوية بحلقة من قريش ، فلمّا رأوه قاموا إليه غير عبد الله بن عباس ، فقال له : يابن عباس ، ما منعك من القيام كما قام أصحابك إلاّ لموجدة عليّ بقتالي إيّاكم يوم صفين؟ يابن عباس ، إنّ ابن عمّي عثمان قُتل مظلوماً. قال ابن عباس : فعمر بن الخطاب قد قُتل مظلوماً ، فسلّم الأمر إلى ولده؟ وهذا ابنه. قال : إنّ عمر قتله مشرك. قال ابن عباس : فمَنْ قتل عثمان؟ قال : قتله المسلمون. قال : فذلك ادحض لحجّتك ؛ إن كان المسلمون قتلوه وخذلوه فليس إلاّ بحق. قال : فإنّا كتبنا إلى الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي وأهل بيته ، فكفّ لسانك يابن عباس.
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٦٥.
(٢) كتابه في الحديث يعتبر أحد الكتب الستة المعتبرة عن أهل السنّة. توفي سنة ٣٠٣ هجرية.
(٣) انظر ابن حجر في تهذيب التهذيب (ج ١ ص ٣٣) ترجمة النسائي.
(٤) شرح النهج ١١ / ٤٤.