وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة الحديث الذي معناه أنّ علياً عليهالسلام خطب ابنة أبي جهل في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأسخطه ، فخطب على المنبر وقال : لاها الله ، لا تجتمع ابنة ولي الله وابنة عدو الله أبي جهل ؛ إنَّ فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما يؤذيها ، فإن كان علي يريد ابنة أبي جهل فليفارق ابنتي وليفعل ما يريد. (أو كلاماً هذا معناه) (١).
قال ابن أبي الحديد : هذا الحديث مخرَّج في صحيحي مسلم والبخاري عن المسور بن مخرمة الزهري.
ولشياع هذا الخبر وانتشاره ذكره مروان بن أبي حفصة (٢) في قصيدة يمدح بها الرشيد
__________________
عن الداودي أنّ المراد بهذا النفي مَنْ لم يسلم منهم ، أي فهو من إطلاق الكلّ وإرادة البعض ، والمنفي على هذا المجموع لا الجميع. وقال الخطّابي : الولاية المنفية ولاية القرب والاختصاص لا ولاية الدين ، ورجّح ابن التين الأول وهو الراجح ، فإنّ من جملة آل أبي طالب علياً وجعفر ، وهما من أخصّ الناس بالنبي صلىاللهعليهوآله لما لهما من السابقة والقدم في الإسلام ونصر الدين ، وقد استشكل بعض الناس صحة هذا الحديث لما نسب إلى بعض رواته من النصب ، وهو الانحراف عن علي وآل بيته. قال ابن حجر : أمّا قيس بن أبي حازم فقال يعقوب بن شيبة : تكلّم أصحابنا في قيس ، فمنهم مَنْ رفع قدره وعظّمه ، وجعل الحديث عنه من أصح الأسانيد حتّى قال بن معين : هو أوثق من الزهري ، ومنهم مَنْ حمل عليه ، وقال : له أحاديث مناكير ، وأجاب مَنْ أطراه بأنّها غرائب وأفراده لا يقدح فيه ، ومنهم مَنْ حمل عليه في مذهبه وقال : كان يحمل على علي ؛ ولذلك تجنّب الرواية عنه كثير من قدماء الكوفيِّين. وأجاب مَنْ أطراه بأنّه كان يقدّم عثمان على علي فقط. قال ابن حجر : والمعتمد عليه أنّه ثقة ثبت مقبول الرواية ، وهو من كبار التابعين ، سمع من أبي بكر الصديق فمَنْ دونه. وقد روى عنه حديث الباب إسماعيل بن أبي خالد ، وبيان بن بشر ، وهما كوفيان ، ولم ينسبا إلى النصب ، لكن الراوي عن بيان وهو عنبسة بن عبد الواحد ، اُموي قد نسب إلى شيء من النصب ، وأمّا عمرو بن العاص وإن كان بينه وبين علي ما كان ، فحاشاه أن يتهم. وللحديث محمل صحيح لا يستلزم نقصاً في مؤمني آل أبي طالب ، وهو : أنّ المراد بالنفي المجموع كما تقدّم ، ويحتمل أن يكون المراد بآل أبي طالب أبو طالب نفسه ، وهو إطلاق سائغ.
(١) انظر البخاري المختصر ٤ / ١٣٦٤ ، مسلم ٤ / ١٩٠٣.
(٢) مروان بن أبي حفصة ، ولد سنة ١٠٥ هجرية ، شاعر ، كان جدّه أبو حفصة مولى لمروان بن الحكم أعتقه يوم الدار ، أدرك زمناً من العهد العباسي ، فقدم بغداد ومدح المهدي والرشيد. توفّي ببغداد سنة ١٨٢ هجرية.