اختلاق الفضائل في الخلفاء الأوائل وفي بني اُميّة :
قال ابن أبي الحديد : قد روى ابن عرفة المعروف بـ (نفطويه) (١) ، وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم في تاريخه ، قال : إنّ أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني اُميّة (٢).
قال المدائني :
كتب معاوية إلى عمّاله : انظروا من قبلكم من شيعة عثمان الذين يروون فضائله ومناقبه ، فادنوا مجالسهم ، وقرّبوهم وأكرموهم ، واكتبوا إليّ بما يروي كلّ رجل منهم ، واسمه واسم أبيه وعشيرته.
ففعلوا ذلك حتّى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ؛ لِما كان يبعث إليهم معاوية من الصلات والكُسا ، والحباء والقطائع ، ويفضيه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كلّ مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء أحد مردود من الناس عاملاً من عمّال
__________________
وأن لا يمنع أحد زيارة الحيرة لقبر الحسين (رضي الله تعالى عنه) ، ولا قبر غيره من آل أبي طالب ، وأمر بردِّ فدك إلى ولد الحسن والحسين ، وأطلق أوقاف آل أبي طالب ، وترك التعرُّض لشيعتهم ودفع الأذى عنهم ، .... وفي ذلك يقول يزيد بن محمّد المهلبي ، وكان من شيعة آل أبي طالب ، وما كان امتحن به الشيعة في ذلك الوقت ، وأغريت بهم العامة :
ولقد بررتَ الطالبيةَ بعدما |
|
ذمّوا زماناً بعدها وزمانا |
ورددتَ اُلفةَ هاشمٍ فرأيتهم |
|
بعد العداوةِ بينهم إخوانا |
آنستَ ليلهمُ وجدتَ عليهمُ |
|
لرأوك أثقل مَنْ بها ميزانا |
لو يعلمُ الأسلافُ كيفَ بررتهمْ |
|
حتّى نسوا الأحقادَ والأضغانا |
(١) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ٥ / ٧٥ : هو الإمام الحافظ النحوي العلاّمة الإخباري إبراهيم بن محمّد بن عرفة بن سليمان العتكي الأزدي الواسطي ، ولد سنة ٢٤٤ وتوفي سنة ٣٢٣ هجـ ، صاحب التصانيف ، وكان ذا سنّة ودين ، من تصانيفه (تاريخ الخلفاء).
(٢) شرح النهج ١١ / ٤٤.