ـ ٢ ـ
ب ـ شخصيّة معاوية
وأكبر الظنّ أنّ الحسين عليهالسلام لو ثار في عهد معاوية لما استطاع أن يسبغ على ثورته هذا الوهج الساطع الذي خلّدها في ضمائر الناس وقلوبهم ، والذي ظلّ يدفعهم عبر القرون الطويلة إلى تمثّل أبطالها ، واستيحائهم في أعمال البطولة والفداء.
وسرّ ذلك يكمن في شخصيّة معاوية ، واُسلوبه الخاصّ في معالجة الأمور ؛ فإنّ معاوية لم يكن من الجهل بالسياسة بالمثابة التي يُتيح فيها للحسين عليهالسلام أن يقوم بالثورة مدوّية ، بل الراجح أنّه كان من الحصافة بحيث يُدرك أنّ جهر الحسين عليهالسلام بالثورة عليه ، وتحريضه الناس على ذلك كفيل بزجّه في حروب تُعكّر عليه بهاء النصر الذي حازه بعد صلح الحسن عليهالسلام ، إن لم يكن كافياً لتفويت ثمرة هذا النصر عليه ؛ لأنّه عارف ـ ولا ريب ـ بما للحسين عليهالسلام من منزلة في قلوب المسلمين.
وأقرب الظنون في الاُسلوب الذي يتبعه معاوية في القضاء. على ثورة الحسين عليهالسلام ـ لو ثار في عهده ـ هو أنّه كان يتخلّص منه بالسمّ قبل أن يتمكّن الحسين عليهالسلام من الثورة ، وقبل أن يكون لها ذلك الدوي الذي يُموّج الحياة الإسلاميّة التي يرغب معاوية في بقائها هادئة ساكنة.
والذي يجعل هذا الظنّ قريباً ما نعرفه من اُسلوب معاوية في القضاء على مَنْ يخشى منافستهم له في السلطان ، أو تعكير صفو السلطان عليه ؛ فإنّ الطريقة المثالية عنده في التخلّص منهم هي القضاء عليهم بأقلّ ما يمكن من