ـ ٣ ـ
ج ـ العهد والميثاق
ولقد كان معاوية خليقاً بأن يستغل في سبيل تشويه ثورة الحسين عليهالسلام ـ لو ثار في عهده ـ هذا الميثاق الذي كان نتيجة صلح الحسن عليهالسلام مع معاوية ، فلقد عرف عامّة الناس أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام قد عاهدا معاوية على السكوت عنه ، والتسليم له ما دام حيّاً (١) ، ولو ثار الحسين عليهالسلام على معاوية لأمكن لمعاوية أن يصوّره بصورة المنتهز الناقض لعهده وميثاقه الذي أعطاه.
ونحن نعلم أنّ الحسين عليهالسلام ما كان يرى في عهد معاوية عهداً حقيقياً بالرعاية والوفاء ؛ فقد كان عهداً تمّ بغير رضاً واختيار ، وقد كان عهداً تمّ في ظروف لا بدّ للمرء في تغييرها ، ولقد نقض معاوية هذا العهد ، ولم يعرف له حرمة ، ولم يحمل نفسه مؤونة الوفاء به ، فلو كان عهداً صحيحاً لكان الحسين عليهالسلام في حلّ منه ؛ لأنّ معاوية قد تحلل منه ، ولم يأل في نقضه جهداً.
ولكنّ مجتمع الحسين عليهالسلام ، هذا المجتمع الذي رأينا أنّه لم يكن أهلاً للقيام بالثورة ، والذي كان يؤثر السلامة والعافية كان يرى أنّه قد عاهد ، وإنّ عليه أن يفي (٢) وأكبر الظنّ أنّ ثورته ـ لو قام بها في عهد معاوية ـ كانت ستفشل
__________________
(١) ابن أبي الحديد : شرح النهج ٤ / ٨.
(٢) يميل المرحوم الشيخ راضي آل ياسين في كتابه النفيس «صُلح الحسن» / ٢٥٢ ـ ٢٧٠ ـ الطبعة الأولى ـ إلى التأكيد على أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام لم يبايعا معاوية بالخلافة ؛ استناداً إلى نصوص وردت في بعض التي رُوي بها الميثاق بين الإمام الحسن عليهالسلام ومعاوية ، والتي يراها