المقدّمة
إنّ أكثر ما استأثر باهتمام الناس من ثورة الإمام الحسين عليهالسلام هو جانب القصّة فيها ما اشتمل عليه من مظاهر البطولة النادرة ، والسمو الإنساني المعجز لدى الثائرين وقائدهم العظيم ، المتمثل في التضحية بكلّ عزيز من النفس والولد ، والمال والدعة ، والأمن في سبيل المبدأ والصالح العام ، مع الضعف والقلّة ، واليأس من النصر العسكري.
وما اشتمل عليه من مظاهر الجبن والخسّة والانحطاط الإنساني لدى السلطة الحاكمة ، وممثلها وأدواتها في تنفيذ جريمتها الوحشية بملاحقة الثائرين واستئصالهم بصورة لم يشهد لها التأريخ مثيلاً.
وما اشتمل عليه من الأمثلة الفريدة على الحبّ ، حبّ الثائرين لجلاّديهم ، وإشفاقهم عليهم من السلطة الجائرة التي تستخدمهم ، وتغرر بهم ، وتدفعهم إلى حرب القوى التي تريد لهم الخير والصلاح ، وحبّ الثائرين بعضهم لبعض بحيث يدفع كلاً منهم إلى طلب الموت قبل صاحبه ؛ لئلا يرى صاحبه مقتولاً قبله.
يُقابل ذلك أبشع مظاهر الحقد والبغضاء لدى الحاكمين وأعوانهم ، المتمثلة في حرمان الثائرين وأطفالهم حتى من الماء ، وفي قتل الأطفال والنساء.