ب ـ موقف الحسين عليهالسلام من يزيد في حياة معاوية
وقد حاول معاوية أن يُقيّد الإمام الحسين عليهالسلام ببيعة يزيد ، أو يضمن ـ على الأقل ـ سكوت الإمام الحسين عليهالسلام عن يزيد ، فلم يفز بطائل.
ويروي المؤرّخون عدّة مواقف للحسين عليهالسلام مع معاوية حين أخذ يعدّ الأمر لابنه يزيد من بعده ، وكان من جملة كتبه إليه في هذا الشأن قوله في أحدها :
«... وفهمت ما ذكرت عن يزيد من اكتماله وسياسته لأمّة محمد ؛ تريد أن توهم الناس في يزيد كأنّك تصف محجوباً ، أو تنعت غائباً ، أو تخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاص. وقد دلّ يزيد من نفسه على موضع رأيه ؛ فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب الهراش عند التهارش ، والحمام السبق لأترابهنّ ، والقيان ذوات المعازف ، وضرب الملاهي تجده باصراً ، ودع عنك ما تحاول ؛ فما أغناك أن تلقى الله من وزر هذا الخلق بأكثر ممّا أنت لاقيه. فوالله ما برحت تقدح باطلاً في جور ، وحنقاً في ظلم حتّى ملأت الأسقية ، وما بينك وبين الموت إلاّ غمضة ...» (١).
وقد أراد معاوية أن يحمل الحسين عليهالسلام على البيعة ليزيد بحرمان بني هاشم جميعاً من أعطياتهم حتّى يبايع الحسين عليهالسلام (٢) ، فلم يتحقق له ما أراد ، ومات معاوية والحسين عليهالسلام باقٍ على موقفه من الإنكار لبيعة يزيد.
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٩٥ ـ ١٩٦.
(٢) المصدر السابق ١ / ٢٠٠ والكامل في التاريخ ٣ / ٢٥٢.