ـ ٥ ـ
د ـ ثورة مطرف بن المغيرة
وفي سنة ٧٧ للهجرة ثار مطرف بن المغيرة بن شعبة على الحجّاج بن يوسف وخلع عبد الملك بن مروان.
كان هذا الرجل والياً للحجّاج على المدائن ، وكان حيّ الضمير ، فلم يعمِ عينيه السلطان الذي حباه به الاُمويّون عن إدراك الظلم الفادح الذي ينزلونه بالأمّة المسلمة ، وقد اتصل به دعاة الخوارج فأرادوه على أن ينظمّ إليهم ويسلّم بإمرة المؤمنين لزعيمهم شبيب ، وأرادهم على أن ينظمّوا إليه ليعيدوا الأمر شورى في المسلمين ، فأبى وأبوا ، واستشار نصحاءه في الثورة فلم ينصحه بها أحد منهم ، ولكنّه ثار بمَنْ أجابه ، وكلّم رؤوس أصحابه ، فقال :
«أمّا بعد ، فإنّ الله كتب الجهاد على خلقه ، وأمر بالعدل والإحسان ، وقال : فيما أنزل علينا : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ، وإنّي اُشهد الله أنّي خلعت عبد الملك بن مروان والحجّاج بن يوسف ، فمَنْ أحبّ منكم صحبتي وكان على مثل رأيي فليبايعني ؛ فإنّ له الأسوة وحُسن الصحبة ، ومَنْ أبى فليذهب حيث شاء ؛ فإنّي لست أحبّ أن يتبعني مَنْ ليس له نيّة في جهاد أهل الفجور. أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وإلى قتال