ـ ٨ ـ
ز ـ ثورة أبي السرايا
هذه نماذج للرّوح الثورية التي بثّتها ثورة الحسين عليهالسلام في الشعب المسلم ، فقضت بذلك على روح التواكل والخنوع والتسليم للحاكمين ، وجعلت من الشعب المسلم قوّة معبّأة وعلى أهبة الانفجار دائماً.
ولقد استمرت طيلة الحكم الاُموي ضدّ هذا الحكم حتّى قضت عليه بثورة العباسيّين ، هذه الثورة التي لم تكن لتنجح لو لم تعتمد على إيحاءات ثورة كربلاء ، وعلى منزلة الثائرين في كربلاء في نفوس المسلمين.
ولم تُبدّل هذه الثورة كثيراً من واقع الشعب المسلم ، بل لعلّنا لا نعدوا الحقّ إذا قلنا أنّها لم تُبدل شيئاً سوى وجوه الحاكمين. ولكن هذا لم يخمد الرّغبة في الثورة بقدر ما كان حافزاً عليها ، فاستمرت الثورات على حالتها ومضى العباسيّون وجاءت دول بعدهم ، ولم تخمد الثورات بل بقيت ناشبة أبداً ، يقوم بها الإنسان المسلم دائماً ، فيُعبّر بها عن إنسانيته التي خنقها الحاكمون وزيّفوها.
ولقد كانت هذه الثورات كما رأينا صادرة عن وعي للواقع ، وإحساس بانحطاطه وقسوته ، واحتجاج عليه ومحاولة لتطويره.
حدث هذا في ظلّ الحكم الاُموي وقد رأيت بعض نماذجه ، وحدث في ظلّ الحكم العباسي أيضاً.
ونضرب مثلاً بثورة أبي السرايا مع محمد بن إبراهيم بن طباطبا العلوي