ب ـ مبدأ عمر في العطاء :
سوّى النبي صلىاللهعليهوآله بين المسلمين في العطاء ، فلم يُفضّل أحداً منهم على أحد ، وجرى على مبدأ التّسوية في العطاء أبو بكر مدّة خلافته ، أمّا عمر فقد جرى ـ حين فرض العطاء في سنة عشرين للهجرة ـ على مبدأ التّفضيل :
«ففضّل السابقين على غيرهم ، وفضّل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين ، وفضّل المهاجرين كافّة على الأنصار كافّة ، وفضّل العرب على العجم ، وفضّل الصريح على المولى» (١).
وفضّل مضر على ربيعة ، ففرض لمضر في ثلاثمئة ، ولربيعة في مائتين (٢) ، وفضّل الأوس على الخزرج (٣).
وقد ولّد هذا المبدأ فيما بعد أسوأ الآثار في الحياة الإسلاميّة ؛ حيث إنّه وضع أساس تكوّن الطبقات في المجتمع الإسلامي ، وجعل المزية الدينية من سُبل التفوّق المادي ، وزََوّد الإرستقراطية القرشية التي مكّنت لنفسها من جديد بتمكّن أبي بكر من الحكم بمبرر جديد للاستعلاء والتحكّم بمقدّرات المسلمين ، فجميع اعتبارات التفضيل تجعل القرشيين أفضل في العطاء من غير القرشيين (٤) ، وهذا يعني أنّ قريشاً هي أفضل النّاس ؛ لأنّها قريش ، وكفى بهذا مبرراً للتحكيم والاستعلاء.
وقد كوّن هذا المبدأ سبباً جديداً من أسباب الصراع القبلي بين ربيعة
__________________
(١) ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ٨ / ١١١.
(٢) تأريخ اليعقوبي ٢ / ١٠٦.
(٣) فتوح البلدان / ٤٣٧.
(٤) فَهُم عرب ، وقريشيون ، ومضريون ، ومهاجرون.