والذين يظلمون دون أن يَردوا من قِبل عثمان.
وأثارت عليه سخط الأنصار ؛ لأنّهم حُرموا من الولايات بعد أن وعُدوا بأن يكونوا شركاء في الحكم ، ولم ينس الأنصار يوماً أنّ سيوفهم وقتلاهم وأموالهم هي التي بوّأت قريشاً هذه المنزلة.
وأثارت سخط شباب قريش والطامحين إلى الحكم من أعضاء الشورى ؛ لأنّهم أُهملوا ولم ينالوا ولاية من هذه الولايات.
* * *
ولقد كان سُلوك عثمان إزاء مُعارضي سياسته في المال والإدارة من كبار الصحابة سبباً في مُضاعفة النّقمة عليه في قريش وفي عامّة المسلمين ، وعاملاً مهمّاً من عوامل تعقيد الأزمة التي عاناها عثمان وعاناها المسلمون في عهد عثمان.
فقد عارض سياسة عثمان في المال والإدارة عبد الله بن مسعود الهذلي حليف بني زهرة ، وكان خازناً لبيت المال ، فاعترضه عثمان بقوله : «إنّما أنت خازن لنا».
ثمّ اشتدّت معارضة ابن مسعود فأمر عثمان بضربه حتّى كسر بعض أضلاعه.
وعارضه أبو ذرّ الغفاري فنفاه إلى الشام ، فلم يكُفّ عن المُعارضة ، بلأمدته أساليب معاوية في الناس بمادة جديدة ، فأخذ ينتقد أساليب معاوية في إنفاق الأموال العامّة ، وصادف كلامه هوى في نفوس رعية معاوية ، فكتب بشأنه إلى عثمان ، فأرسل إليه عثمان :
«أرسل إليّ جندباً ـ وهذا اسم أبي ذرّ ـ على أغلظ مركب وأوعره».
فوصل أبو ذرّ إلى المدينة وقد تآكل لحم فخذيه من عنف السير ، ولكنّه لم