فلمّا مات الحسن بن (١) علي عليهماالسلام لم تزل الفتنة والبلاء يعظمان ويشتدان ، فلم يبق ولي لله إلا خائفا على دمه أنه مقتول ، وإلّا طريدا أو شريدا ، ولم يبق عدوّ لله إلّا مظهرا الحجة غير مستتر ببدعته وضلالته.
فلمّا كان قبل موت معاوية بسنة حج الحسين عليهالسلام وعبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر ، فجمع الحسين عليهالسلام بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم ومن حج منهم ، ومن الأنصار ممن يعرفه الحسين عليهالسلام وأهل بيته ، ثمّ أرسل رسلا : «لا تدعوا أحدا ممن حجّ العام من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله المعروفين بالصلاح والنسك إلّا اجمعوهم لي».
فاجتمع إليه بمنى أكثر من سبعمائة رجل ، وهم في سرادقه ، عامتهم [من التابعين] ، ونحو من مائتى رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقام فيهم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أمّا بعد ، فإن هذا الطاغية فقد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم ، وإنّي اريد أن أسألكم عن شيء ، فإن صدقت فصدّقوني ، وإن كذبت فكذّبوني (٢) ، فأسالكم بحقّ الله عليكم وحقّ رسوله صلىاللهعليهوآله وقرابتي من نبيّكم عليه وآله السلام ، لما سيّرتم مقامي ووصفتم مقالتي ، واكتبوا قولي ، ثمّ ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ، فمن أمنتم من الناس ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا ، فإنّي أتخوّف أن يدرس هذا الأمر ويذهب الحقّ ويغلب ، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون».
وما ترك شيئا ممّا أنزله الله فيهم من (القرآن) إلّا تلاه وفسّره ، ولا شيئا ممّا قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله في أبيه وأخيه وامّه وفي نفسه وأهل بيته إلّا رواه ، وفي كلّ ذلك يقول أصحابه : اللهمّ نعم قد سمعناه وشهدناه ، ويقول التابع : قد حدّثني به من اصدّقه وائتمنه من الصحابة.
__________________
(١) في «ق» : و، وما أثبتناه وفق «ح» والمصدر.
(٢) في «ح» بعدها : قال.