ثُمّ اسقِ فيه حتّى تخرقَها ؛ فإنّك لا تخرقُها حتّى تبلغَ به عملَ الجنّة» (١).
وقال الصادق عليهالسلام : «مَن سقى الماءَ في موضعٍ يُوجدُ فيه الماءُ كان كمَنْ أعتقَ رقبةً ، ومَنْ سقَى الماءَ في موضعٍ لا يُوجدُ فيه الماءُ كان كمَنْ أحيَى نفساً ، ومَنْ أحيَى نفساً فكأنّما أحيَى النّاسَ أجمعين» (٢).
وقد دلّت هذه الآثار على فائدة السّقي بما هو حياة العالم ونظام الوجود ؛ ومِنْ هنا كان النّاسُ فيه شرعاً سواء ، كالكلاء والنّار ، فلا يختصّ اللطفُ منه جلّ وعلا بطائفةٍ دون طائفة.
وقد كشف الإمام الصادق عليهالسلام السّرَّ في جواب مَن قال له : ما طعم الماء؟ فقال عليهالسلام : «طعمُ الحياة» (٣).
فالسّقاية أشرف شيء في الشريعة المُطهّرة ، تلك أهميتها عند الحقيقة ، ومكانتها من النّفوس ؛ ولهذه الأهمية ضُرب المثل بـ (كعب بن مامة الإيادي) (٤).
وأضحت السّقاية العامّة لا ينوء بعبئها إلاّ مَن حلّ وسطاً من السّؤدد والشرف ، وأعالي الاُمم لا ساقتها ؛ ولذا أذعنت قريش لقَصي بسقاية الحاجِّ ، فكان يطرح الزبيبَ في الماء ويسقيهم الماءَ المُحلَّى كما كان يسقيهم اللبن (٥).
__________________
(١) الأمالي للشيخ الطوسي / ٣١٠ ، الكافي للكُليني ٤ / ٥٧ ، ح ٣ ، مَن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٢ / ٦٤.
(٢) المُعجم الكبير للطبراني ١٢ / ٨٢ ، مجمع الزوائد للهيثمي ٣ / ١٣٢.
(٣) الكافي ٦ / ٣٨١ ، ح ٧ ، مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٠٣.
(٤) الأعلام للزركلي ٥ / ٢٢٩ ، مُعجم البلدان للحموي ٣ / ٢٦٦.
(٥) السّيرة الحلبيّة ١ / ٢١.