الشُّهداءِ في الدُّنيا والآخرةِ» (١).
وكذلك قوله عليهالسلام فيهم : إنّهم لم يسبقهم سابقٌ ، ولا يلحقهم لاحقٌ.
فقد أثبت لهم السّيادة على جميع الشُّهداء ، أنّهم لم يسبقهم ولا يلحقهم أيُّ أحدٍ ، وأبو الفضل في جملتهم بهذا التفضيل ، وقد انفرد عنهم بما أثبته له الإمام السّجاد عليهالسلام من المنزلة التي لم تكن لأيِّ شهيد.
ولهذه الغايات الثمينة والمراتب العُليا ؛ كان أهلُ البيت عليهمالسلام يُدخلونه في أعالي اُمورهم ما لا يتدخّل فيه إنسانٌ عادي ، فمِن ذلك : مُشاطرتُه الحسينَ عليهالسلام في غسل الحسن عليهالسلام (٢).
وأنتَ بعد ما علمت مرتبة الإمامة ، وموقف صاحبها من العظمة ، وأنّه لا يلي أمره إلاّ إمامٌ مثله ، فلا ندحة لك إلاّ الإيمان بأنّ مَن له أيّ تدخل في ذلك ـ بالخدمة من جلب الماء وما يقتضيه الحال ـ [هو] أعظم رجلٍ في العالم بعد أئمّة الدِّين عليهمالسلام ؛ فإنّ جثمان المعصوم عليهالسلام عند سيره إلى المبدأ الأعلى ـ تقدّست أسماؤه ـ لا يُمكن أنْ يقربَ أو ينظر إليه مَن تقاعس عن تلك المرتبة ؛ إذ هو مقامُ قابَ قوسين أو أدنى ، ذلك الذي لم يطق الروح الأمين أنْ يصل إليه حتّى تقهقر ، وغاب النّبيُّ الأقدس في سبحات الملكوت والجلال وحدهُ إلى أنْ وقف الموقف الرهيب.
__________________
(١) كامل الزيارات / ٣٧٢ ، تهذيب الأحكام ٦ / ٦٥ ، المزار للمفيد / ١٢٠ ، المزار للمشهدي / ٣٨٨.
(٢) ورد في ذخائر العقبى / ١٤١ ، والذرِّيَّة الطّاهرة للدولابي / ١٢٠ ، وكشف الغُمَّة ٢ / ١٧١ ، وبحار الأنوار ٤٤ / ١٣٧ : وولّى غُسلَهُ الحسينُ ومحمّدٌ والعبّاسُ إخوتُه ... ولمْ يردْ في مصدر أنّ المُشارك للحسين عليهالسلام العبّاس فقط.