وهكذا خلفاء النّبيِّ صلىاللهعليهوآله المشاركون له في المآثر كُلِّها ما خلا النّبوَّة والأزواج (١) ومنه حال انقطاعهم عن عالَم الوجود بانتهاء أمد الفيض المُقدّس.
وممّا يشهد له أنّ الفضل بن العبّاس بن عبد المُطّلب كان يحمل الماء عند تغسيل النّبيِّ صلىاللهعليهوآله ، معاوناً لأمير المؤمنين عليهالسلام على غسله ، ولكنّه عصبَ عينيه ؛ خشية العمَى إنْ وقع نظرُهُ على ذلك الجسد الطّاهر.
ومثله ما جاء في الأثر عن الإشراف على ضريح رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ؛ حذراً أنْ يرى النّاظر شيئاً فيعمى (٢) ، وقد اشتهر ذلك بين أهل المدينة ، فكان إذا سقط في الضريح شيءٌ أنزلوا صبيّاً وشدّوا عينيه بعصابة فيخرجه.
وهذه أسرار لا تصل إليها أفكار البشر ، وليس لنا إلاّ التسليم على الجملة ، ولا سبيل لنا إلى الإنكار بمجرّد بُعدنا عن إدراك مثلها ، خصوصاً بعد استفاضة النّقل في أنّ للنّبيِّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام بعد وفاتهم أحوالاً غريبةً ليس لسائر الخلق معهم شركة ، كحرمة لحومهم على الأرض ، وصعود أجسادهم إلى السّماء ، ورؤية بعضهم بعضاً ، وإحيائهم الأموات منهم بالأجساد الأصليّة عند الاقتضاء ؛ إذ لا يمنع العقل منه مع دلالة النّقل الكثير عليه واعتراف الأصحاب به (٣) ،
__________________
(١) في الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام : «كلُّ ما كانَ للرَّسولِ صلىاللهعليهوآله فلنَا مثلُهُ ، إلاّ النّبوَّةَ والأزواجَ». المحتضر / ٤٧.
(٢) فقه الإمام الرضا عليهالسلام لابن بابويه / ١٨٨ ، مُستدرَك الوسائل ٢ / ١٩٧ ، المُسترشد لابن جرير / ٣٣٦ ، بحار الأنوار ٢٢ / ٤٩٢.
(٣) قال الشيخ المفيد في أوائل المقالات / ٧٢ : والأئمّة عليهمالسلام من عترته خاصّة لا