وأنا أفرّ منه.
ثُمّ سألت المرأة عن قصّة الرجل ، فقالت : إنّها شيعية من أهل بغداد ، والرجل سُنّي من أهل السّليمانيّة ساكن في بغداد ، مُتديّن بمذهبه ، لا يعمل الفسوق والمعاصي ، يُحب الخصال الحميدة ، ويتنزّه عن الذميمة ، وهو (بندرجي تُتن) ، وللمرأة أخوان حرفتهما بيع التُّتن ، ومعاملتهما مع الرجل ، فبلغ دَينُهُ عليهما مئتا (ليرة عثمانية) ، فاستقرّ رأيهما على بيع الدار منه والمهاجرة من بغداد ، فأحضراه في دارهما (ظهراً) ، وأطلعاه على رأيهما ، وعرّفاه أنّه لم يكن دَين عليهما لغيره ، فعندها أبدى من الشهامة شيئاً عجيباً ، فأخرج الأوراق وخرّقها ثُمّ أحرقها ، وطمأنهما على الإعانة مهما يحتاجان.
فطارا فرحاً ، وأرادا مجازاته في الحال ، فذاكرا المرأة على التزويج منه ، فوجدا منه الرغبة فيه ؛ لوقوفها على هذا الفضل مع ما فيه من التمسّك بالدِّين واجتناب الدَّنايا ، وقد طلب منهما مراراً اختيار المرأة الصالحة له ، فلمّا ذكرا له ذلك زاد سروره ، وانشرح صدره بحصول اُمنيته ، فعقدا له من المرأة وتزوّج منها.
ولمّا حصلت عنده ، طلبت منه زيارة الكاظميَّين عليهماالسلام إذ لم تزرهما مدّة كونها بلا زوج ، فلم يجبها ، مُدَّعياً أنّه من الخرافات ، ولمّا ظهر عليها الحمل سألته أنْ ينذر الزيارة إنْ رُزق ولداً ، ففعل ، ولمّا جاءت بالولد طالبته بالزيارة ، فقال : لا أفِ بالنّذر حتّى يبلغ الولد. فأيست المرأة ، ولمّا بلغ الولد السّنة الخامسة عشر طلب منها اختيار الزوجة ، فأبت ما دام لم يفِ بالنّذر ، فعندها وافقها على