وبينا أنا في حالة الإغماء في الليلة الثالثة عشر من المُحرّم ، إذ جاء ذلك السيّد المذكور ، وقال لي : لماذا تأخّرت عن يوم السّابع وقد بقي سعيد بانتظارك؟ وحيث لم تحضر يوم السّابع فهذا يوم دفن العبّاس ـ وهو يوم ١٣ ـ فقم واقرأ. ثُمّ غاب عنِّي ، وعاد إليَّ ثانياً وأمرني بالقراءة وغاب عنِّي ، وعاد في الثالثة ووضع يده على كتفي الأيسر لأنّي كُنتُ مُضطجعاً على الأيمن ، وهو يقول : إلى متى النّوم؟ قم واذكر (مُصيبتي). فقمت وأنا مدهوش مذعور من هيبته وأنواره ، وسقطت لوجهي مغشيّاً عليَّ ، وقد شاهد ذلك مَن كان حاضراً في الحرم الأطهر.
وانتبهت من غشوتي وأنا أتصبّب عرقاً ، والصحة ظاهرة عليَّ ، وكان ذلك في السّاعة الخامسة من الليلة الثالثة عشر من المُحرّم سنة ١٣٥٤ هـ.
فاجتمع علىَّ مَن في الحرم الشريف ، وأقبل مَن في الصحن والسّوق ، وازدحم النّاس في الحضرة المنوّرة ، وكثر التكبير والتهليل ، وخرق النّاس ثيابي ، وجاءت الشُّرطة فأخرجوني إلى البهو الذي هو أمام الحرم ، فبقيت هناك إلى الصباح.
وعند الفجر تطهّرتُ للصلاة ، وصلّيتُ في الحرم بتمام الصحة والعافية ، ثُمّ قرأتُ مصيبة أبي الفضل عليهالسلام ، وابتدأت بقصيدة السيّد راضي ابن السيّد صالح القزويني ، وهي :
أبَا الفَضلِ يَا مَنْ أسَّسَ الفَضلَ والإبا |
|
أَبا الفضلُ إلاّ أنْ تَكُونَ لَهُ أبا |
والأمر الأعجب ، أنّي لمّا خرجت من الحرم قصدتُ داراً لبعض