ولقد شعّت هذه الآية الباهرة ، فاستضاءت منها الحقب والأعوام ، واهتزّت لها الأندية والمحافل ارتياحاً ، وتناقلها العلماء المُنقّبون في جوامعهم ، منهم الشهيد الأوّل في الذكرى ، والأردبيلي في شرح الإرشاد ، والسّبزواري في الذخيرة ، والشيخ الطُّريحي في المنتخب ، والشيخ المُحقّق في الجواهر.
وكم لآل الرسول صلىاللهعليهوآله من براهين كاثرت النّجوم بكثرتها ، وقد اجتهد أهل العناد في إغفالها أو افتعال نظائرها لأئمّتهم ؛ حقداً وحسداً : (وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ) (١).
مَنْ يُباريهمُ وفي الشَّمسِ معنىً |
|
مُجهدٌ مُتعبٌ لِمَنْ باراهَا |
ورثُوا من مُحمّدٍ سبقَ اُولا |
|
هَا وحازُوا ما لَمْ تَحزْ اُخراهَا |
__________________
غليلي بالنّزول بقعوةِ مُغيَّبهِ ، فاستشممتُ عطرَ الملائكة الحافّين بتربته ؛ حيث وفَّقني الباري تعالى أنْ أزور قبر قمر بني هاشم أبي الفضل العبّاس عليهالسلام ، الواقع في السّرداب المُقدّس الكائن تحت القبَّة الشريفة ، فتغشّتني رحمةُ ربِّي تعالى بمُشاهدة الماء الذي يأتي في سَاقيةٍ من جهة قبر سيّد الشُّهداء أبي عبد اللّه الحسين عليهالسلام ـ الذي لم يذقْ من بردِهِ شربةً ، وقد مضى بقلبٍ حزّته أشفارُ الظما كما حزّ خنجرُ الضبابي منحَره الشريف ـ ثمّ يدور حول قبر السّقّاء الذي آثر ألم الظما على الرواء ، وارتوى بروح الوفاء لأخيه وابن بنت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، حيث الكلمة الخالدة :
يا نفسُ مِنْ بعدِ الحُسينِ هُوني |
|
وبعدَهُ لا كُنتِ أنْ تكوني |
هذا حُسينٌ واردُ المنونِ |
|
وتَشْرَبينَ باردَ المعينِ |
واللهِ ما هذا فعالُ دينِي |
|
ولا فعالُ صادقِ اليقينِ |
ومن بعد قرون متطاولةٍ يستمر دوران الماء دورةً كاملة حول قبر الشهيد الظامي ، والأخ المواسي لأخيه ، ثمّ يخرج من خلال ساقية إلى خارج كربلاء المُقدّسة.
(١) سورة التوبة / ٣٢.