الحقيق أذن لهم ، وأمرهم بعدم التعرّض للنساء والصبيان وهُم مشركون (١).
وعلى سيرته مشى المسلمون ، وإنّ سيّدهم أمير المؤمنين عليهالسلام لمّا أنزل عائشة في الدار ، قال له رجل من الأزد : واللّه ، لا تفلتنا هذه المرأة. فغضب أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : «صهْ ، لا تهتُكْنَ سِتْراً ، ولا تَدخلْنَ دارَاً ، ولا تُهيّجنَ امرأةً بِأَذًى وَإِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ ، وسفهنَ أُمَرَاءَكُمْ وصلحاءَكُمْ ؛ فَإِنَّهُنَّ ضعافٌ ، ولقد كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وإِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيُكافِئ المرْأةَ بالضَّربِ فَيُعَيَّرُ بِهَا عَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ ، فلا يَبلُغنِّي عنْ أحدٍ تعرَّضَ لامرأةٍ فأنكلُ بِهِ» (٢).
من هذا عرف النّاس ضلال يزيد وتيهه في الباطل ؛ فاكثروا اللائمة عليه حتّى مَن لم ينتحل دينَ الإسلام.
وحديثُ رسول ملك الروم مع يزيد في مجلسه أحدث هزّةً في المجلس ، وعرف يزيد الإنكار منهم ، وأنّه لم تُجدِ فيهم تلك التمويهات ؛ وكيف تٌجدي وقد سمع مَن حضرَ المجلس صوتاً عالياً من الرأس المُقدّس لمّا أمر يزيد بقتل ذلك الرسول : «لا حَولَ ولا قوةَ إلاّ باللّهِ» (٣).
وأيّ أحد رأى أو سمع قبل يوم الحسين عليهالسلام رأساً مقطوعاً ينطق بالكلام الفصيح؟ وهل يقدر ابنُ ميسون أنْ يقاوم أسرار اللّه ، أو يُطفئ نوره تعالى شأنه؟! كلاّ.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ١٨٤ ، البداية والنّهاية لابن كثير ٤ / ١٥٧ ، السّيرة النّبويّة لابن هشام ٣ / ٧٤٧.
(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٥٤٤ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٢٥٧ ، وقسم منه في نهج البلاغة بشرح محمّد عبده ٣ / ٥١٥ ، الكافي للكليني ٥ / ٣٩.
(٣) العوالم / ٤٤٣.