إلى الوالي بأخذ البيعة من المدينة عامّة ، وفي الكتاب الصغير إلزام الحسين عليهالسلام بالبيعة وإنْ أبى تضرب عنقه (١).
وليس الغرض من إنشاء الكتاب الصغير إلا أنّ يزيد لمّا كان عالماً بأنّ النّبي صلىاللهعليهوآله لم يجعله خليفة ، ولا كانت بيعته ممّا اتَّفق عليها صلحاءُ الوقت وأشرافُ الاُمّة ، وما صدر من الموافقة منهم ، يوم أرادها أبوه معاوية ، إنّما هو للوعيد والتهديد ، فأراد يزيد أنْ يُخلِّي رسمياتهِ عن الأمر بقتل الحسين عليهالسلام ، بحيث لو صدر ذلك من عامله ولامه النّاس وخطّؤوه ، تدرّع بالعذر بخلوِّ كتابه للعامل بهذا الفعل ، وإنّما هو شي جاء به من قِبَلِ نفسه ، وكان له المجال حينئذ في إلقاء التبعة على العامل.
ولكن هلمّ واقرأ العجيب الغريب في إحياء العلوم ج ٣ ص ١٠٦ ، في الآفة الثامنة من آفات اللسان ، فهناك ترى الغزالي تائهاً في الغلواء لمّا وشجت عليه عروق النّصب والتحيّز إلى الاُمويِّين ، فأبى أنْ يلعن قاتل الحسين عليهالسلام حتّى على الإجمال ، فيُقال : (لعنة اللّه على قاتل الحسين) ، مُعلّلاً باحتمال موته بعد التوبة! وقد فاته أنّ التائب إنْ قُبلت توبته لا يشمله اللعن ، فإذاً أيّ بأس إذا قيل : لعنة اللّه على قاتل الحسين عليهالسلام ، لولا ذلك العداء المحتدم بين الحوائج والبغض لأهل هذا البيت الطاهر عليهمالسلام؟!
وأغرب من ذلك قياسه يزيد بوحشي قاتل حمزة أسد اللّه وأسد رسوله ، فقال فيه : إنّ وحشي تاب عن الكفر والقتل جميعاً ، ولا يجوز أنْ يُلعن مع أنّ [القتلة] كبيرة ، فإذا لم يُقيّده بالتوبة وأطلق
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ / ٢٥٠ ، الكامل في التاريخ ٤ / ١٤ ، البداية والنّهاية ٨ / ١٥٧.