__________________
وأمّا قوله صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم : «أوّل جيشٍ يغزو القسطنطينية ...». فإنّما يعني أبا أيّوب الأنصاري ؛ لإنّه كان فيهم.
ولا خلاف أنّ يزيد أخاف أهل المدينة وسبى أهلها ، ونهبها وأباحها ، وتُسمى وقعة الحرّة ...
وقال جدّي في كتاب (الردّ على المُتعصِّب العنيد) : ليس العجب من قتال ابن زياد الحسين ، وتسليطه عمر بن سعد على قتله والشّمر ، وحمل الرؤوس إليه ، وإنّما العجب من خذلان يزيد ، وضربه بالقضيب ثناياه ، وحمل آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم سبايا على أقتاب الجمال ، وعزمه على أنْ يدفع فاطمة بنت الحسين إلى الرجل الذي طلبها ، وإنشاد أبيات ابن الزَّبعري : ليت أشياخي ببدر شهدوا ...
وردّه الرأس إلى المدينة وقد تغيّر ريحه ، وما كان مقصوده إلاّ الفضيحة وإظهار رائحته للنّاس ، أفيجوز أنْ يفعل هذا بالخوارج؟! أليس إجماع المسلمين أنّ الخوارج والبغاة يُكفَّنون ويُصلّى عليهم ويُدفنون؟!
وكذا قول يزيد : لي أنْ أسبيكم ـ لمّا طلب الرجل فاطمة بنت الحسين ـ ، قول لا يقنع لقائله وفاعله اللّعنة!
ولو لمْ يكُنْ في قلبه أحقادٌ جاهليّة ، وأضغان بدريّة لاحترم الرأس لمّا وصل إليه ، ولم يضربه بالقضيب ، وكفّنه ودفنه ، وأحسنَ إلى آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم.
قلتُ : والدليل على صحة هذا ؛ إنّه استدعى ابن زياد إليه وأعطاه أموالاً عظيمة وتحفاً كثيرة ، وقرّب مجلسه ورفع منزلته ، وأدخله على نسائه وجعله نديمه ، وسكر ليلة فقال للمُغنّي : غنِّ. ثُمّ قال يزيد بديهاً :
اسقنِي شربةً تُروِّي فُؤادِي |
|
ثُمّ مِلْ فاسقِ مثلَها ابنَ زيادِ |
صاحبَ السّرِّ والأمانةِ عنْدي |
|
ولتسديدِ مَغنمِي وجهادِي |
قاتلَ الخارجيِّ أعنِي حُسيناً |
|
ومُبيدَ الأعداءِ والْحُسّادِ |
وقال ابن عقيل : وممّا يدلّ على كفره وزندقته ـ فضلاً عن جواز سبّه ولعنته ـ أشعارهُ التي أفصح فيها بالإلحاد ، وأبان عن خبث الضّمير وسوء الاعتقاد ، فمنها قوله في قصيدته التي أوّلها :
عُليّةُ هاتِي واعلنِي وترنَّمِي |
|
بذلكَ إنّي لا اُحبُّ التناجيَا |
حديثُ أبي سُفيانَ قِدماً سَمَا بهَا |
|
إلى اُحدٍ حتَّى أقامَ البواكيَا |