ثُمّ إنّ عبد اللّه بن الزُّبير شيّد جدران قبر النّبيّ صلىاللهعليهوآله وجعلها مرتفعة ، وفي سنة ١٩٣ هـ أمر الرشيد وإليه على المدينة أبا البُختري أنْ يبني سقف الحجرة ، ثُمّ المتوكّل أمر واليه على الحرمين إسحاق بن سلمة أنْ يُشيّد حجرة النّبيّ صلىاللهعليهوآله بحجارة الرخام ، ففعل ذلك سنة ٢٤٢ هـ.
وفي الأوراق البغدادية للسيّد إبراهيم الراوي : إنّ المسلمين لمّا فتحوا بلاد الشام وبيت المقدس ، ورأوا على قبور الأنبياء المباني لم يهدموها ، ومن أشهرها البناءُ الذي على قبر إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وقد رأى ذلك عمر بن الخطّاب فلم يهدمه ولم يأمر بهدمه.
وغير خفيّ أنّ تقرير الصحابة ـ وفيهم الخلفاء ـ ذلك العمل دليلٌ قويٌّ على تعارف البناء على القبور وجوازه لديهم.
وحدّث محمّد بن الحنفيّة المُتوفّى سنة ٨١ هـ : أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله دفن فاطمة بنت أسد في موضع المسجد الذي يُقال له اليوم : (قبر فاطمة) ، وفيه دلالة ـ كما عند السّمهودي ـ على أنّ قبرها كان عليه مسجدٌ يُعرف به ذلك الزمان (١) ، وهو في المئة الاُولى من الهجرة ، كما كان على قبر حمزة بن عبد المُطّلب مسجداً يومئذٍ (٢).
وكما بُني على قبر العبّاس بن عبد المُطّلب قبّة دُفن فيها الحسن والسّجاد (٣) ، والباقر (٤) والصادق عليهمالسلام (٥) ، ففي المئة الاُولى والثانية كانت القبّة على قبر العبّاس موجودة.
__________________
: ٥٤١ ، سُبل الهدى والرَّشاد للصالحي.
(١) تاريخ المدينة لابن شبّة النّميري ١ / ١٢٣.
(٢) المصدر السّابق ١ / ١٢٦.
(٣) وفيات الأعيان ٣ / ٣٦٩.
(٤) وفيات الأعيان ٤ / ١٧٤ ، الوافي بالوفيات ٤ / ٧٧.
(٥) وفيات الأعيان ١ / ٣٢٧.