في سورة المدّثر وهي ـ على قول ـ أوّلُ ما نزل من القرآن الكريم في مكّة المكرّمة ، ولو لم تكن أوّل ما نزل فلعلّها السورة الثانية ، أو السورة الثالثة ، في أوائل البعثة النبويّة والدعوة المحمّديّة نزلت هذه السورة المباركة ، في هذه السورة نجد أنّ الله سبحانه وتعالى يقول : (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) لاحظوا بدقّة (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) هذه طائفة من أهل مكّة (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً) إذنْ ، في مكّة عند نزول الاية أُناس كانوا أهل كتاب واُناس مؤمنين (وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً) (١).
يظهر من هذه الاية المباركة : أنّ حين نزول السورة المباركة في مكة كان الناس في مكّة على أربعة أقسام : كافرون ، أهل كتاب ، مؤمنون ، في قلوبهم مرض.
الكافرون معلوم ، وهم المشركون ، وأهل الكتاب أيضاً معلوم ، يبقى المؤمنون وهم الذين آمنوا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أمّا الذين في قلوبهم مرض ، فمن هم؟ ففي مكة ، المسلمون
__________________
(١) سورة المدثر : ٣١.