ويرد عليه في باديء النظر اربعة ردود :
١ ـ ينقض على المقيس عليه بلزوم تحريم بيع السلعة بثمن ( اكثر من قيمتها الحالية ) نسيئة ، حيث إن البائع قد حسب للزمان عوضا ، وهذا ما لم يقل به احد من الجمهور والمذاهب الاربعة (١) ، حيث إنهم منتفقون على صحة بيع النسيئة ، وعادة يكون البيع بالنسيئة اكثر من البيع بالنقد. وقد ذهب الإمامية ايضاً الى صحة بيع النسيئة اذا كان باكثر من البيع بالنقد إذا وقع البيع على الثمن الذي هو اكثر من ثمن النقد ، وهذا البيع بالنسيئة هو ما يسمى ببيع التقسيط ، حيث يتفق الطرفان منذ البداية على بيع التقسيط بالضوابط الشرعية. اذن ليس كل زيادة مع النظرة هي حرام. مع اننا لا نرى ان في بيع النسيئة تكون الزيادة في مقابل الاجل (٢).
٢ ـ إنَّ قياس الشبه الذي استدل به ابن رشدليس بحجة ( حيث شبّه الزيادة مع النظرة المجمع على تحريمها بوضع الدائن شيئا من دينه في مقابل تعجيل الباقي ) ، فنقول :
أولاً : لا يوجد شبه يوجب سراية الحكم ، إذ إن المجمع على تحريمه هو أن تكون الزيادة في مقابل الإمهال والاجل ، اما هنا فالزيادة تكون في مقابل إسقاط الاجل ، فبينهما فرق واضح. فإذا قيل إنَّ كلا الموردين ( الزيادة في مقابل الامهال ، والزيادة في مقابل الاسقاط ) تغيير مناسب في المبلغ لأجل الزمن ، فالحقيقة الربوية واحدة ، فنقول في جوابهم الرد الثاني.
ثانياً : إن مجرد هذا الشبه لوحده لا يسوّغ لنا ان نعطي حكم المحرّم للشبيه ، إلاّ أن يكون الشبه من جميع الجهات ، وبما أن الشبه هذا ليس من جميع الجهات حيث إن الدائن إذا زاد من دينه في مقابل الأجل شملته ادلة حرمة الربا ، اما اذا حط
__________________
(١) راجع نيل الاوطار ، ٥ / ١٧٢.
(٢) بحثنا هذا مفصلا في بحث بيع التقسيط ( النسيئة ) حيث قلنا إن الثمن الاكبر ( من ثمن النقد ) نسيئة كله في مقابل السلعة وانما يكون الاجل داعيا الى الزيادة ، فهو يختلف عن الزيادة مع النظرة.