نقول : ولو تنازل الاُستاذ مصطفى الزرقاء عن كلمة : « يتحقق بهذه العملية حوالة الدائن وحوالة المدين في وقت واحد » وقال : نتمكن أن تتصور حوالة الدائن وحوالة المدين في عمليتين ( اي في وقتين ) (١) ، فهل نتمكن ان نقول ان الفقه السنّي قد عرف حوالة الدَّين وحوالة الحق معاً ؟
الجواب : لا يمكن ذلك ، وذلك فانَّ حوالة الحق التي لم تذكر في المذاهب الاربعة إلاّ المذهب المالكي في الجملة ( كما ذكروا ) لا يمكن ان نقول إن الفقه السنّي قد عرفها وان تصور ذلك الاستاذ مصطفى الزرقاء حيث إننا بحاجة الى دليل شرعي على اعتراف الفقه السنّي بحوالة الحق ، او على الاقل نحتاج الى نص من فقيه قديم يصرح بحوالة الحق ، اما تصوّر الزرقاء فهو لا يكفي لنسبة القول بحوالة الحق الى الفقه السنّي ، اذ فرق كبير بين تصور الشيء وثبوته في الفقه بحيث ينسب الى الشريعة. وقد يتصور فقيه قديم حوالة الحق ، إلاّ ان تصوره اياها غير كاف لثبوتها في الشريعة الاسلامية كما هو واضح ، وتصور حوالة الحق في الفقه الاسلامي سهل يسير اذا عرفنا ان الدَّين هو مال كلي ثابت في ذمّة الغير ، وحينئذ يمكن نقله من مدين الى آخر ، ويمكن تغيير الدائن ايضا ، إلاّ ان هذا لا يكفي لنسبة حوالة الدَّين وحوالة الحق الى الشريعة ، بل لابد من سنّة او على الاقل ذهاب جمع من العلماء القدامى الى القول بحوالة الحق والدَّين كفتوى لهم تكشف عن وجود ارتكاز لدى المتشرعة بقبولهما ، وهذا الارتكاز يكشف عن رضا المعصوم عليهالسلام او تقريره ، وهو سنّة متبعة.
__________________
(١) اي شخص واحد يتمكن أن يحول دائنه على مدينه وهي حوالة الدَّين ، كما يتمكن أن يفعل هذه العملية بصورة اُخرى كما اذا تصورنا ان دائن زيد لم يطالبه بالدَّين ، ولكن زيداً اراد تسديد دَينه ، فأمر مدينه بدفع المبلغ الى دائن زيد ، فيكون زيد قد حوّل حقه الذي في ذمّة مدينه الى دائنه وهو حوالة الحق ، وهذا ليس فيه منع كما في بيع الدَّين على غير المدين.