الدَّين في المفهوم الغربي هو مجرد التزام شخص لشخص ، وهذا أقرب ما يكون الى مفهوم انشغال العهدة عند الشيعة ، فكأنه رابطة بين انسان وانسان أو بين انسان ومال ، وكان هذا التعريف للدَّين هو الفارق عند الغربيين بين ما يسمونه بالحق الشخصي والحق العيني ، فالشخصي هو الذي يربط الانسان بانسان آخر ، والعيني هو الذي يربط الانسان بعين خارجية (١). قال الدكتور السنهوري متحدثاً عن تطور الرابطة بين الدائن والمدين في الفقه الغربي :
« ولم تثبت هذه الرابطة على حال واحدة ، بل انها تطورت فكانت في اول أمرها سلطة تعطى للدائن على جسم المدين لا على ماله وكان هذا هو الذي يميز بين الحق العيني والحق الشخصي. فالاول سلطة تعطى للشخص على شيء ، والثاني سلطة تعطى للشخص على شخص آخر ، وكانت سلطة الدائن على المدين سلطة واسعة يدخل فيها حق الاعدام وحق الاسترقاق وحق التصرف ، ثم تلطفت هذه السلطة فصارت مقصورة على التنفيذ البدني بحبس المدين مثلاً ، ولم يصل الدائن الى التنفيذ على مال المدين ألاّ بعد تطور طويل ، فاصبح للالتزام منذ عهد الرومان مظهران :
مظهر باعتباره رابطة شخصية فيما بين الدائن والمدين.
ومظهر باعتباره عنصراً مالياً يقوم بذمَّة الدائن ، ويترتب دَيناً في ذمة المدين. ولا يزال الالتزام محتفظاً بهذين المظهرين الى الوقت الحاضر وان اختلفت المذاهب فيه ، فمذهب يغلِّب الناحية الشخصية ؛ وهو المذهب الفرنسي التقليدي
__________________
(١) أما الفقه الاسلامي فهو لا يعرف هذين الاصطلاحين مادام لا يعرّف الدَّين بهذا التعريف بل يعرفه على أنه مال في ذمَّة الغير قابل للنقل والانتقال كالاعيان ، نعم الفقه الاسلامي يعرف الحق الكلي والحق العيني.