حقوق ولا تكليفات كذمّة الوليد الذي ليس له مال (١).
إن اول فرق بين النظرية الاسلامية للتداين والنظرية المقابلة هو : تصور الاسلام الدين من أول الأمر على أنه مال في ذمّة المدين ، بينما لم يصل القانون الغربي الى هذه النتيجة إلاّ بعد تطور دام مدة طويلة. فالفرق هو عدم خضوع الفقه الاسلامي للتطور ، بل هو تشريع نازل من السماء لا يخضع لتطور الأحكام كما يخضع لها الفقه الوضعي. ومن نافلة القول بيان خطأ من يحاول أن يسبغ على الشريعة تطوراً يؤدي بها الى الخروج عن كونها شريعة اسلامية بحجة متطلبات الحياة ، وهو يعيش حياة رأسمالية في حكمها الاقتصادي ، فبالاضافة الى خطأ هذا القول يكون صاحبه قد اقترف جناية كبرى بمسخ الشريعة الاسلامية وتحويلها الى شريعة اُخرى قد تكون رأسمالية او اشتراكية ، وهو غافل او متغافل عن ان خطأ كلا التشريعين الوضعيَّين قد اثبته الاسلام الذي ينظر الى الانسان بوصفه كائناً فردياً له احتياجاته ، كما انه في ضمن جماعة يجب ان تحفظ مصالحها العامة.
ولا ادري بماذا يجيب من يدعو الى التحرر من بعض الاحكام القرآنية بحجة متطلبات الحياة وهو يسمع او يرى الحديث عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : « حلال محمد حلال ابداً الى يوم القيامة ، وحرامه حرام أبداً الى يوم القيامة » (٢).
نعم نحن لا ننكر وجود تطور في الموضوعات التي يتبدل الحكم فيها بتبدل
__________________
(١) راجع الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ، للاستاذ مصطفى الزرقاء ، ج ٣ ، فقرة ١٢٨ ، ص ٢٣٣ ، بحسب الطبعة الخامسة.
(٢) اصول الكافي ، الكليني ، ج ١ ، ص ٥٨ ، ح ١٩. وقد وردت هذه الرواية بهذا اللسان في كتب اهل السنة : « فما احل الله على لسان نبيِّه فهو حلال الى يوم القيامة ، وما حرَّم الله على لسان نبيّه فهو حرامٌ الى يوم القيامة » سنن الدارمي ، ج ١ ، ص ١١٥.